٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ...) أي : إن المنكرين للبعث الكافرين بالثواب والعقاب ، (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) أي قنعوا بها فلا يعملون إلا لها (وَاطْمَأَنُّوا بِها) يعني سكنوا إليها وركنت قلوبهم لمتعتها (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) أي الذين هم في غفلة عن حججنا ودلائلنا.
٨ ـ (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ ...) أي مقرّهم نار جهنّم (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) جزاء معاصيهم.
٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) أي الذين صدّقوا به وبرسله ثم أضافوا إلى ذلك التصديق عمل الطاعات والخير. (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) يدلّهم إلى الطريق المؤدية إلى الجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي من تحت قصورهم في الجنّة ومن بين أيديهم وهم يتنعّمون غدا.
١٠ ـ (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ ...) أي أن دعاء المؤمنين في الجنة وكلّ عملهم لا يتعدّى أكثر من قولهم : سبحانك يا الله لا على وجه العبادة إذ لا تكليف في الجنة وإنما التذاذا بالتسبيح (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) التحية : التكرمة ، أي من الله لهم في الجنة هي : سلام ، وقيل هذه تحية بعضهم لبعض. وقيل تحية الملائكة لهم. (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) الدعاء الأخير عندهم : (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فهذا آخر كلّ كلام لهم ، لا أنه آخر كلمة يقولونها ولا يتكلّمون بعدها بشيء.
١١ ـ (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ ...) أي لو أن الله سبحانه يعجّل في استجابة دعاء النّاس على أنفسهم أو غيرهم بالشرّ ، وأهلهم حين يتضجّرون من شيء ويقولون : أمات الله فلانا ، ولعن الله أبا فلان ، ولا بارك الله في رزق فلان ولا في عمره (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) يعني كما يعجّل لهم إجابة أدعيتهم في طلب الخير إذا استعجلوه (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي لأهلكهم وفرغ من تدميرهم (فَنَذَرُ) ندع (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) الذين لا يصدّقون بالبعث ، (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي يتحيّرون في كفرهم.
١٢ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا ...) أي إذا أصابه البلاء أو المحنة في الدنيا ، ابتهل إلينا وتضرّع (لِجَنْبِهِ) وهو مضطجع (أَوْ قاعِداً) أو جالسا (أَوْ قائِماً) أو واقفا ، (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ) أي عندنا أزلنا عنه ذلك الضرّ الّذي أصابه (مَرَّ) استمرّ على حاله الأولى في إعراضه عن شكرنا (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) كأنّه ما دعانا لكشف ضرّه الذي أصابه (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي على هذا الشكل زيّن للمشركين عملهم هذا من قبل أنفسهم أو من قبل الشيطان ، أو بعضهم من قبل بعض ، فمنحوا العافية بعد البلاء ولم يشكروا مانحها.
١٣ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ...) القرون : جمع قرن ، وهو أهل كل عصر من العصور ، وقد سمّوا بذلك لمقارنة بعضهم ببعض. فالله تعالى قد أهلك أهل جميع العصور التي سبقتكم بأنواع العذاب لأنها عصت أوامر ربّها وأشركت به. (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي أتاهم أنبياؤهم بالدلالات الواضحة والمعجزات (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) أي : وفي معلومنا السابق ما كانوا ليؤمنوا لو أبقيناهم ، (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي ، وبمثل ذلك نعاقب المشركين مستقبلا فنهلكهم إذا علمنا أنهم لا يؤمنون بعد قيام الحجة عليهم.
١٤ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ ...) الخطاب لأمّة محمد (ص) فقد جعل المسلمين يخلفون الأمم التي أهلكها الله بظلمها ، وأسكنهم الأرض من بعدها ، (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) أي لنرى عملكم وهل تقتدون بتلك الأمم في الكفر أم تصلحون.