١٥٨ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ...) هذا استفهام إنكاري يعني : ما ينتظر كفّار مكة إلّا مجيء الملائكة إليهم إمّا للوفاة وإمّا للعذاب (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) أي أمر ربّك (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) بعض ما وعدهم به من الأهوال والعذاب. (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) ويزول التكليف عندها. (لا يَنْفَعُ) لا يفيد (نَفْساً) أحدا من الناس (إِيمانُها) تصديقها (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) لانسداد باب التوبة عندئذ وارتفاع قلم التكليف (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) أي ربحت أجرا لتصديقها (قُلِ) يا محمد (انْتَظِرُوا) اصبروا حتى يحلّ ذلك بكم (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) متربّصون له.
١٥٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ ...) أي آمنوا ببعض ما أمروا به وكفروا بالبعض الآخر (وَكانُوا شِيَعاً) أي فرقا متنازعة (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي ما أنت المسؤول عن تفرّقهم (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) أي حسابهم إليه (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) أي يخبرهم بكل ما عملوه حين محاسبتهم يوم القيامة.
١٦٠ ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ...) أي : من فعل الخير يكتب الله له عشر حسنات تفضّلا (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) أي اقترف ذنبا كبيرا أو صغيرا (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) أي لا يجازى إلا بمقدارها عدلا منه. (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي لا ينقص الثواب ويزيد العقاب.
١٦١ ـ (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ...) أي اقطع يا محمد نزاع القول مع القوم الكافرين وقل : إنني هداني ربّي : أي قل يا محمد : أرشدني ربي إلى الطريق الذي لا اعوجاج فيه (دِيناً قِيَماً) أي ثابتا دائما (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) أي طريقة إبراهيم (ع) (حَنِيفاً) مائلا عن الكفر إلى الإسلام (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) نفى سبحانه شرك إبراهيم (ع).
١٦٢ ـ (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي ...) أي دعائي وعبادتي وقرباني (وَمَحْيايَ وَمَماتِي) أي حياتي وموتي (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي ذلك كلّه خالص لوجهه سبحانه.
١٦٣ ـ (لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ...) أي لا أشرك معه غيره أحدا في عبادتي وقد أمرني لأعترف بما ذكر في صدر الآية ، (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) لأن إسلامه (ص) يتقدّم إسلام أمّته.
١٦٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا ...) يعني أنه (ص) لا يطلب غير الله سبحانه إلها والاستفهام إنكاري (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) أي أن كل ما سواه مربوب لا يصلح للرّبوبية ، (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) أي أن كل نفس تتحمل تبعة عملها (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى ، (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) أي معادكم يوم القيامة إلى خالقكم (فَيُنَبِّئُكُمْ) أي يخبركم (بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي بما كنتم في دار الدّنيا تفترقون فيه بتمييز الحق من الباطل.
١٦٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ...) الله سبحانه هو الذي جعل الناس يخلف بعضهم بعضا (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) جعلكم متفاوتين في المراتب (لِيَبْلُوَكُمْ) ليختبركم (فِي ما آتاكُمْ) أي ليعلم أتشكرون نعمه أم تكفرون بها؟ (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) أي سريع العذاب الشديد لمن كفر (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن شكره.