١١٩ ـ (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ...) أي : ولا مانع يمنعكم من أكل ما ذكر اسم الله تعالى عليه خصوصا (وَقَدْ فَصَّلَ) بيّن (لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) أي جعله محظورا ممنوعا ، (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) أي قد تلجئكم الضرورة إلى أكل ذلك الحرام من اللحم فيكون حلالا أكله ، لأن الضرورات تبيح المحظورات (وَإِنَّ كَثِيراً) من الناس (لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ) أي : يحلّلون المحرّم حسب رغباتهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي عن جهل بالحكم. (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) لأنه مطّلع على المتجاوزين لحدود الله.
١٢٠ ـ (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ ...) يعني : دعوا ما فيه ذنب في ما يعلن وما يسرّ ، وقيل : أراد بالظاهر افعال الجوارح وبالباطن أفعال القلوب. (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ) أي يقترفون الذنوب (سَيُجْزَوْنَ) يعاقبون (بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) بسبب ما كانوا يجنون من معاصي وآثام.
١٢١ ـ (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ...) أي عند الذبح مما حلّ أكل لحمه وفي هذا تصريح باشتراط الحلية بالتسمية على الذبيحة. والحاصل أنه سبحانه وتعالى نهى عن أكل غير ما ذكر اسمه عليه وقال : (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) أي أن الأكل مما لم يذكر اسمه عليه عند ذبحه حرام لأنه خروج على حكم الله (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) أي أن الأبالسة من الإنس والجنّ يوسوسون إلى أتباعهم (لِيُجادِلُوكُمْ) ليحاجّوكم (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) تذعنوا لقولهم بأكل الميتة (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) بترك دين الله واتباعهم.
١٢٢ ـ (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ...) أي هل من كان ميتا بالكفر فأحييناه بهدايتنا له إلى الإيمان (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) أي علما (يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) بذلك النور حيث يسير على هداه (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) أي لا يكون كالذي صفته في ظلمات الكفر والضلال (لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) حال كونه باقيا في جهله (كَذلِكَ) أي كما زيّن للمؤمن إيمانه (زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) يعني حسّن لهم الشيطان عقائدهم الفاسدة.
١٢٣ ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها ...) أي كما جعلنا أكابر مكة فسّاقها ، كذلك جعلنا في كلّ قرية أكابر فجرتها (لِيَمْكُرُوا فِيها) ولنعرف من يتّبع الحق ممّن يتّبع مكرهم (وَ) لكن (ما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) أي أنهم لو عقلوا لرأوا أن وبال مكرهم يحيق بهم دون غيرهم (وَما يَشْعُرُونَ) ولا يحسّون بذلك.
١٢٤ ـ (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ ...) أي إذا جاءت كفّار مكة معجزة من عند الله قالوا لن نصدّق بها. وقالوا لن نؤمن (حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) أي حتى ينزل علينا مثل ما نزل عليك من الوحي. (اللهِ) تعالى (أَعْلَمُ) أعرف (حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) أين يضعها وعلى من ينزلها. (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي سيحلّ بهؤلاء الأكابر وغيرهم ممن انقطع إلى الكفر (صَغارٌ عِنْدَ اللهِ) أي : ذلّ يوم القيامة. (وَ) سينالهم أيضا (عَذابٌ شَدِيدٌ) صعب أليم (بِما كانُوا يَمْكُرُونَ) أي : بسبب مكرهم وعنادهم في دار الدنيا.