٩ ـ (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً ...) أي لو جعلنا الرسول ملكا يعاين ويرى ويتكلم معه لمثّلناه بصورة رجل ليكون من جنسكم إذ الملك لا يرى بصورته من قبلهم (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) أي أن الأمر يلتبس عليهم ويظنون الملك رجلا مثلهم ، فيبقى الإشكال قائما عندهم.
١٠ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ ...) ذكر سبحانه لرسوله (ص) أن الرّسل من قبله قد استهزأ بهم الناس وسخروا من دعوتهم إلى الله (فَحاقَ) أي أحاط (بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ) استهزءوا من دعوتهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وهو العذاب الذي هدّدهم به الرّسل.
١١ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) أي قل لهم يا محمد : اذهبوا في الأرض وتتبّعوا ما أصاب الأمم من قبلكم ، (ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) وتأمّلوا بمصائر الذين كذّبوا الرّسل فأهلكهم الله بالعذاب جزاء كفرهم.
١٢ ـ (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) أي اسأل يا محمد من يعاندك : من هو المالك لما في السماوات والأرض؟. (قُلْ لِلَّهِ) أي قل أنت إنه لله الذي خلقها وهو مالك أمر ما خلق. (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أي اللطف بعباده (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) قرنا بعد قرن يأخذكم ويجمعكم ليوم الحساب. (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شك ، (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) وضيّعوها بأن ضلّوا فأهلكوها في عذاب يومئذ (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدّقون.
١٣ ـ (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) أي لله ما هدأ في الليل ، وتحرّك في النهار. (وَهُوَ السَّمِيعُ) العظيم السمع (الْعَلِيمُ) العارف أشد المعرفة بكل ما يملكه.
١٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ...) قل يا محمد للمعاندين : لا يجوز أن أتخذ مالكا لي ومولى غير الله (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مبدعهما وموجدهما من كتم العدم. (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) أي يرزق ولا يرزق. (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) أي أمرني ربّي بذلك. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ونهيت عن الشرك.
١٥ ـ (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : (٢) أي قل لهؤلاء يا محمد إني أعلم وقيل : من الخوف إن اتخذت غيره وليا عذاب يوم القيامة الشديد.
١٦ ـ (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ ...) أي من لا يناله العذاب بفضل الله (يَوْمَئِذٍ) في يوم القيامة (فَقَدْ رَحِمَهُ) أي أشفق عليه الله سبحانه (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي للعباد هو الربح والظفر الواضح.
١٧ ـ (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ ...) فإن أصابك ـ يا محمد ـ شيء من الضرر المادي أو المعنوي (فَلا كاشِفَ لَهُ) أي لا رافع له (إِلَّا هُوَ) سبحانه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) أي إن يصبك بنعمة وفضل (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي مستطيع قادر على كل من الخير والضر.
١٨ ـ (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ...) أي أنه سبحانه هو القادر الذي يقهر عباده بجميع معاني القهر (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) الذي يفعل بهم ما تقتضيه الحكمة والعليم بجميع ما يليق بهم.