١٠٩ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ ...) لفظة : يوم منصوبة على الظرفية ، ونصبها بما يتعلق بالظرف وهو : اتقوا يوم ، أو : اذكروا يوم وذلك يوم القيامة حيث يجمع سبحانه جميع رسله إلى البشر ليكونوا شهداء على أممهم ، ويسألهم بماذا أجابتكم أممكم وكيف تلقّت رسالات ربها؟ (قالُوا) أي : فقال الرّسل الكرام (لا عِلْمَ لَنا) أي : لا علم لنا أحسن وأولى بالدقة من علمك لأنك تعلم السرائر وما تخفي الصدور ، فهم (ص) يعلمون يقينا ولكنهم قدّموا علمه الشامل على علمهم. (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) أي أنك تعلم ما في الضمائر ونحن لا نعلم إلّا الظواهر.
١١٠ ـ (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ ...) أي إذ يقول الله في الآخرة يا عيسى اذكر ما أنعمت به عليك وعلى أمك واشكره. (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) يعني جبرائيل (ع) تكلّم الناس في عيسى اذكر ما أنعمت به عليك وعلى أمك واشكره. (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) يعني جبرائيل (ع) (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) أي تحكي وأنت طفل حين ولادتك (وَكَهْلاً) أي وقت أشد البلوغ (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) الكتاب : أي الكتابة دون أن تتعلّمها من أحد ، والحكمة : أي الكلام المحكم ، وجعلتك عارفا بكتب الله السماوية كالتوراة والإنجيل اللذين تحاجّ بهما اليهود. (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ، فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) أي : حين تصوّر من الطين ـ التراب المجبول بالماء ـ هيئة طير بإجازة مني ، ثم تنفخ في تلك الصورة التي شكّلتها فتصير طيرا ذا روح بأمري (وَتُبْرِئُ) تشفي (الْأَكْمَهَ) الأعمى الذي ولد من أمه كذلك ، (وَالْأَبْرَصَ) أي تشفيه (بِإِذْنِي) ورخصتي (وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) أي تدعوهم فيقومون من قبورهم ويخرجون منها إجابة لك بقدرة الله. (وَإِذْ كَفَفْتُ) أي منعت (بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ) فحجبتك عن اليهود لمّا أرادوا قتلك (إِذْ) حين (جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) وأظهرت لهم البراهين القاطعة على نبوّتك (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) من اليهود (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ليس هذا سوى سحر واضح.
١١١ ـ (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا ...) فقد ألهم سبحانه الحواريين أن صدّقوا فالوحي هنا بمعنى الإلهام ، ومنه : وأوحينا إلى أم موسى ، أي ألهمناها وألقينا في قلبها. (بِي وَبِرَسُولِي) وآمنوا بربوبيّتي وبكونه نبيّا (قالُوا) وهم الحواريون : (آمَنَّا) صدّقنا (وَاشْهَدْ) علينا (بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) أي : مسلّمون ومنقادون لأمرك.
١١٢ ـ (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ...) أي خاطبه سلام الله عليه حواريّوه قائلين : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) أي : هل يقدر (أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) أي طعاما وشرابا مهيّأ من عنده سبحانه على خوان. وقيل بأن ذلك كان منهم في أوائل عهد إيمانهم وبدء ملازمتهم لعيسى (ع). (قالَ) لهم : (اتَّقُوا اللهَ) أي خافوا من غضبه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ومصدقين به.
١١٣ ـ (قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها ...) قال الحواريون ـ مصرّين ـ إن سؤالنا لرفع الحاجة بالأكل منها لا للامتحان (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا) أي ترتاح وتهدأ من هذه الناحية الحياتيّة. (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) أي يحصل لنا العلم بأنك صادق في رسالتك (وَنَكُونَ عَلَيْها) أي على المائدة (مِنَ الشَّاهِدِينَ) الحاضرين الذين يرونها نازلة من السماء.