١٨ ـ (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ...) أي : وادّعى هؤلاء أنهم أبناء الله وأنه تعالى يحبهم وأنهم ليسوا كغيرهم من الناس. فأنت يا محمد (قُلْ) لهم موبّخا ومستهزئا (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) ويزجّ المذنب منكم في النار مع أن الأب يشفق على ولده فلا يعاقبهم؟ فكيف إذا كان يحبهم (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ) كبقية البشر (مِمَّنْ خَلَقَ) لا تزيدون على الناس بقرابة ولا تتمتعون بأفضلية ، كلّ بحسب وزره (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) يغفر للمؤمنين المطيعين ويعاقب الكفرة العاصين (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) مر معناه (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي مرجع الموجودات جميعا علويّها وسفليّها يردها إليه بقدرته ويجازي كل عامل طبق عدالته.
١٩ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ ...) مر معناه. (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي حين انقطاع الوحي مدة طويلة ، فبعث نبينا (ص) حيث لم يكن نبي ولا وصي يبين للناس ما اختلفوا فيه. (أَنْ تَقُولُوا) غدا يوم القيامة : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ) أي نبيّ يبشرنا برحمة الله ويدلنا على صراطه المستقيم. (وَلا نَذِيرٍ) يخوّفنا من سخطه إن نحن اجترأنا على معاصيه. (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) هو محمد (ص) (وَاللهُ) ينذركم بقدرته لأنه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي مستطيع.
٢٠ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ ...) أي : اذكر يا محمد لهؤلاء المعاندين الذين كانوا يعصون أمر نبيّهم موسى (ع) عند ما قال لهم (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي فضله (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) اختارهم لهدايتكم ، يقال إن عددهم بلغ ألف نبي في مدة ألف وسبعمائة سنة كانت بين موسى وعيسى (ع). (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) سلاطين كطالوت وداود وسليمان (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) أي أعطاكم ما لم يعط غيركم في عالمي زمانكم من النعم ووسائل القوة. والتي لم تشكروا الله عليها بمقدار ما اغتررتم بها وطغيتم.
٢١ ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ...) أي أن موسى (ع) قال لقومه : إن الله يأمركم أن تدخلوا ـ بعد هذا التيه ـ إلى أرض بيت المقدس (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أي قدّر وكتب ذلك في اللوح المحفوظ (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) لا ترجعوا القهقرى منهزمين خوفا (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) أي فتبوؤا بالخسران في الدنيا والآخرة.
٢٢ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ ...) فأجابوا بأن فيها جماعة قوية ذات بأس شديد وكان أهلها من العمالقة (وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) أي لن ندخلها ما دام هؤلاء الجبابرة فيها. (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) إذ لا طاقة لنا بالكون معهم.
٢٣ ـ (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ ...) قيل إن الرجلين هما يوشع بن نون وكالب بن يوفنّا وكانا يخافان الله (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالإيمان الصادق. (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) أي فاجئوهم بدخول باب قريتهم (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) أي منتصرون. (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي سلّموا الأمر إليه تعالى إن كنتم مصدّقين بقوله ووعده.