١٢٢ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : مر معناه في تفسير الآية ٥٧ من هذه السورة (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أي وعد الله ذلك وعدا حقّا لا خلف فيه ف (وعدا) مصدر دلنا الكلام على فعله الناصب له : وحقا أيضا مصدر من حقّ يحقّ حقا ومعناه ثبت ووجب ولا خلف فيه. (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) أي حديثا. والاستفهام إنكاري ، أي لا أحد أصدق من الله تعالى في جميع العوالم.
١٢٣ ـ (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ...) أي لا يكون ما وعد الله به من الثواب تابعا لتمنّياتكم أيها المؤمنون ، ولا تابعا لتمنّيات أهل الكتاب (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) من ارتكب شيئا من المعاصي يجازيه الله به إما في الدنيا أو الآخرة لتمنّيات أهل الكتاب (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) من ارتكب شيئا من المعاصي يجازيه الله به إما في الدنيا أو الآخرة وهذا هو العدل الرباني الذي لا يدانيه عدل. (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) أي لا يجد من يعمل السوء لنفسه من يدفع عنه عقوبة الله أو ينصره وينجيه من عذابه.
١٢٤ ـ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ...) ومن عمل الأعمال الصالحة ، ذكرا كان أو أنثى ، وهو مؤمن بالله ورسله وملائكته وبما جاء من عنده (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) : أي ولا ينالهم ظلم ولو بمقدار النقير وهو الحفيرة الصغيرة في ظهر النواة كناية عن القلة. وهو سبحانه يعبّر تارة بالذرّة ، وأخرى بالنقير نفيا للظلم عن ساحته المقدسة.
١٢٥ ـ (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ...) أي ليس أصوب طريقة وأهدى سبيلا من الذي آمن بالله وأخلص في عمله له ، حالة كونه محسنا في جميع أقواله وأفعاله. (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) أي اقتدى بدينه وهو الإسلام (حَنِيفاً) أي مستقيما ، مائلا عن سائر الأديان المنسوخة. (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) أي حبيبا ألبسه ثوب الخلّة دون سائر الرسل وأنقذه من نار النمرود وجعله للناس إماما.
١٢٦ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...) ملكا وملكا فهو الغني عن جميع مخلوقاته (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء من حيث العلم والقدرة ومن جميع الوجوه.
١٢٧ ـ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ ، قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ...) : أي يسألونك عن الفتوى وعن الحكم فيما يجب للنساء وعليهن. فقل يا محمد الله يبين لكم عما سألتم في شأنهن (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) أي ويفتيكم ما يقرأ عليكم في القرآن وتتعلّمون منه ـ وهو أعلم بما فيه ، وبما قاله بشأن النساء و (فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَ) المراد بيتامى النساء هنّ البنات اليتيمات اللواتي كان يمنع عنهن ارثهن ، ويمنعن من التزوّج بالغير باختيارهن لأكل مالهنّ وحقهن. فورد الحكم في القرآن بحرمة ذلك والنهي عنه. (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) أي تتزوّجوهن. (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) أي ونفتيكم في المستضعفين من الصبيان الصغار الذين كانوا يحرمونهم حقهم وإرثهم (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) أي بالعدل ، فأوجب إيصالهم جميعهم إلى حقوقهم كما شرح ذلك فيما تقدم من الآيات المتعلقة باليتامى. (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) أي ما تصنعوا من إحسان إلى هؤلاء اليتامى ـ صبيانا وبنات ـ (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) أي عالما يجازيكم به.