هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨))
كلمة في السياق :
١ ـ عماد التقوى الإيمان ، ولقد قال تعالى في سورة الفتح (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) (الآية : ٢٦) ولقد كان الخطاب في سورة الحجرات منصبا في الغالب لأهل الإيمان ، وجاء في سورة الحجرات قوله تعالى (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) وبين تعالى في آية (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أن الأكرم عند الله هو الأتقى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وإذا كان للإيمان هذا الوزن عند الله فسيوجد من يدّعون ـ وخاصة في البيئات التي يغلب عليها الجهل ـ وسيوجد من يمنّون على أهل الإسلام بالاستجابة ، فجاءت الفقرة الأخيرة في سورة الحجرات لتنقض الدعاوى ، وتردّ التطاول والمنّ ، ولتعطي الميزان الحقيقي للإيمان.
٢ ـ الآية الثالثة من آيات محور سورة الحجرات هي قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ولقد جاءت هذه الفقرة من سورة الحجرات لتؤكد أن الإيمان الحقيقي هو ما اجتمع لصاحبه يقين وجهاد بالمال والنفس ، فالفقرة تفصّل في مضمون الإيمان الحقيقي ، وتردّ الدعاوى فيه.
٣ ـ جاءت آيات المحور في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله ، وقد يعلن الإنسان الدخول في الإسلام ، ولا زال بين قلبه وبين حقيقة الإسلام بعد ، فجاءت هذه الآيات لتقول للداخلين في الإسلام : لا تمنّوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدخولكم في الإسلام ، ولتبين أن عليهم أن يرتقوا إلى مقام الإيمان ، ولتبين لهم حقيقة الإيمان.
٤ ـ والحديث عن الأعراب في سورة الحجرات مكمّل للحديث عن الأعراب في سورة الفتح ، وهذا مظهر من مظاهر التكامل بين سور المجموعة في هذا القسم ، كما أن الحديث عن الأعراب هنا مكمّل للحديث عن الأعراب في سورة براءة التي فصّلت في المحور نفسه الذي فصّلت فيه سورة الحجرات.