أن الله تعالى أكرمه؟ فقلت : بأبي أنت وأمي لا أدري ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي» قالت : فقلت : والله لا أزكي أحدا بعده أبدا ، وأحزنني ذلك فنمت ، فرأيت لعثمان رضي الله عنه عينا تجري فجئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته بذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ذاك عمله» فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم ، وفي لفظ له «ما أدري وأنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يفعل به» وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ بدليل قولها : فأحزنني ذلك ، وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعيّن بالجنة إلا الذي نصّ الشارع على تعيينهم ، كالعشرة ، وابن سلام ، والعميصاء ، وبلال ، وسراقة ، وعبد الله بن عمرو ابن حرام ـ والد جابر ـ والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة ، وزيد بن حارثة ، وجعفر ، وابن رواحة ، وما أشبه هؤلاء رضي الله عنهم.).
٢ ـ بمناسبة قوله تعالى : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) قال ابن كثير : (وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام رضي الله عنه وغيره ، فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، وهذه كقوله تبارك وتعالى : (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) (القصص : ٥٣). وقال : (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) (الإسراء : ١٠٧ ـ ١٠٨) قال مسروق والشعبي : ليس بعبد الله بن سلام ؛ هذه الآية مكية ، وإسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان بالمدينة. رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم واختاره ابن جرير. وروى مالك عن عامر بن سعد عن أبيه قال : ما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام رضي الله عنه ، قال : وفيه نزلت (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) رواه البخاري ومسلم والنسائي). وذهب كثيرون إلى هذا ، وعلى هذا الاتجاه فالآية مدنية.
٣ ـ بمناسبة قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) قال ابن كثير : (لما ذكر الله تعالى في الآية الأولى التوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه عطف بالوصية بالوالدين كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن ، كقوله عزوجل : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (الإسراء : ٢٣) وقال جل جلاله (أَنِ