الله ، وكذّبوا بالصدق ، وهم الجاحدون المكذّبون (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَصَدَّقَ بِهِ) هم المسلمون (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) لا غيرهم (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يعني : في الجنة مهما طلبوا وجدوا (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) دلّ السّياق على أن المجىء بالصدق والتصديق به تقوى وإحسان (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ) أي : عن المتقين (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) أي : سىء عملهم ، لأن تكفير الأسوأ يرافقه تكفير السىء من باب أولى (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) كرما منه وتفضّلا.
كلمة في السياق :
١ ـ بدأت المجموعة بذكر خصيصتين من خصائص القرآن ، أولاهما أنه ضرب للناس من كل مثل ، وقد استوعب سيد قطب رحمهالله الكلام في كتابه (التصوير الفني في القرآن) هذا الموضوع إذ أثبت أن الأصل في العرض القرآني هو التصوير المبدع ، فأن يكون القرآن على مثل هذا الكمال في هذا الجانب وغيره ، فذلك دليل كونه من عند الله ، والخصيصة الثانية التي ذكرت هنا : هي كون القرآن لا عوج فيه ، لا في اللغة ، ولا في الأسلوب ، ولا في المعاني ، ولا في التشريع ، ولا في أي شىء ، فأن يكون كذلك فذلك دليل آخر على أنّه من عند الله ، وصلة ذلك بمقدمة المقطع (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) وبمحور السورة من سورة البقرة (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) واضحة ، وفي الآية الأولى من هذه المجموعة بيّن الله حكمة ضرب الأمثال ، فقال : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) وفي الآية الثانية بيّن حكمة كونه غير ذي عوج فقال : (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فالتذكر والتقوى هما اللذان ينبغي أن يخرج بهما قارىء هذا القرآن. وصلة ذلك بما قبل هذه المجموعة وبمحور السورة (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) واضحة.
٢ ـ وقد ضرب الله في الآية الثالثة مثلا للموحّد والمشرك ، وصلة ذلك ببداية المجموعة واضحة ، إذ في المثل نموذج على كون القرآن قد ضرب الأمثال ، وصلة ذلك ببداية المقطع (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) واضحة ، فبعد الجولة الطويلة يعود