تفسير المجموعة الخامسة
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي : كمن هو آمن من العذاب ، والمراد بسوء العذاب : شدته ، واتقاء الكافر سوء العذاب بوجهه معناه كما قال النسفي : (إن الإنسان إذا لقي مخوفا من المخاوف استقبله بيده ، وطلب أن يقي بها وجهه ، لأنه أعز أعضائه عليه ، والذي يلقى في النار ، يلقى مغلولة يداه إلى عنقه ، فلا يتهيأ له أن يتقي النار إلا بوجهه الذي كان يتقي المخاوف بغيره وقاية له ومحاماة عليه). (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) أي : تقول لهم خزنة النار تقريعا وتوبيخا (ذُوقُوا) وبال (ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي : وبال كسبكم (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي : القرون الماضية المكذبة لرسلها (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) أي : من الجهة التي لا يحتسبون ، ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها ، بينما هم آمنون إذ فوجئوا من مأمنهم (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ) أي : الذلّ والصغار كالمسخ والخسف ، والقتل والجلاء ، ونحو ذلك من عذاب الله (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال ابن كثير : أي بما أنزل بهم من العذاب والنّكال ، وتشفّي المؤمنين منهم ، فليحذر المخاطبون من ذلك ، فإنهم قد كذّبوا أشرف الرسل ، وخاتم الأنبياء (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) من عذاب الدنيا (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أي : والذي أعدّه الله جل جلاله لهم في الآخرة من العذاب الشديد أعظم ممّا أصابهم في الدنيا ، ولو كانوا يعلمون الحقيقة كاملة لآمنوا ، ولكن لا يعلمون فيستمرون على الكفر ..
كلمة في السياق :
١ ـ بيّنت هذه المجموعة عاقبة الضالين وعاقبة المهتدين ، وبيّنت كيف ستكون عاقبة الذي لا يتقي الله في الآخرة حتى إنّه ليتّقي النّار بوجهه الذي كان في الدنيا يقيه بغيره ، هذا مع استحقاقه العذاب في الدنيا ، والخزي فيها ، فالصلة بين هذه المجموعة وما قبلها واضحة.
٢ ـ من هذا التصوير المعجز للعذاب يوم القيامة ، نرى كيف أن القرآن أحسن