الْعَذابِ الْمُهِينِ) أي : الاستخدام والاستعباد وقتل الأولاد. (مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً) أي : مستكبرا جبارا عنيدا (مِنَ الْمُسْرِفِينَ) قال ابن كثير : أي : مسرف في أمره ، سخيف الرأي على نفسه (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ) أي : بني إسرائيل (عَلى عِلْمٍ) أي : عالمين بمكان الخيرة ، وبأنهم أحقاء بأن يختاروا (عَلَى الْعالَمِينَ) قال النسفي : على عالمي زمانهم ، وقال ابن كثير : على من هم بين ظهريه. وقال قتادة : اختيروا على أهل زمانهم ذلك (وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ) أي : الحجج والبراهين وخوارق العادات ، كفلق البحر وتظليل الغمام ، وإنزال المنّ والسلوى ، وغير ذلك (ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) أي : نعمة ظاهرة ، أو اختبار ظاهر لننظر كيف يعملون.
كلمة في السياق :
جاءت هذه الآيات كنموذج لفعل الله بالمكذبين ، وفعل الله برسله والمؤمنين ، وكمثل على أن دأب الكافرين في كل عصر : التكذيب والرفض والشك ، مهما كثرت الآيات ، وقامت الحجج وفي ذلك تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين ، وبشارة لهم وتعليم لهم بواقع الحال ، وبعد هذه الجولة عن السابقين يعود الكلام عن المشركين الذين يواجهون هذه الدعوة وتواجههم.
(إِنَّ هؤُلاءِ) أي : المشركين الكافرين بدعوة محمد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن (لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ) أي : ما هي (إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) وليس الأمر كما يقول محمد صلىاللهعليهوسلم أن هناك موتة تعقبها حياة ، فما ثم إلا الموتة الأولى والحياة الأولى. (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) أي بمبعوثين (فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) احتجوا بآبائهم الماضين الذين ذهبوا فلم يرجعوا قال ابن كثير : (وهذه حجة باطلة ، وشبهة فاسدة ، فإن المعاد إنما هو يوم القيامة ، لا في الدار الدنيا ، بل بعد انقضائها وذهابها وفراغها ، يعيد الله العالمين خلقا جديدا ، ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا ، ثم قال تعالى متهددا لهم ومتوعدا لهم بأسه الذي لا يردّ ، كما حلّ بأشباههم ونظرائهم من المشركين المنكرين للبعث كقوم تبّع (وهم سبأ) حيث أهلكهم الله عزوجل ، وخرّب بلادهم ، وشرّدهم في البلاد ، ومزّقهم شذر مذر كما تقدّم ذلك في سورة سبأ ..). قال تعالى : (أَهُمْ خَيْرٌ) في القوة والمنعة (أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) الحميري. وسنذكر تحقيق ابن كثير عنه في الفوائد ..