ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة ، كما يبثها هذا القرآن في القلوب.
إنها سورة تهجم على القلب البشري من مطلعها إلى ختامها ، في إيقاع سريع متواصل. تهجم عليه بإيقاعها كما تهجم عليه بصورها وظلالها المتنوعة المتحدة في سمة العنف والتتابع. وتطوف به في عوالم شتى بين السماء والأرض ، والدنيا والآخرة ، والجحيم والجنة ، والماضي والحاضر ، والغيب والشهادة ، والموت والحياة ، وسنن الخلق ونواميس الوجود .. فهي ـ على قصرها نسبيا ـ رحلة ضخمة في عالم الغيب وعالم الشهود ...).
كلمة في سورة الدخان ومحورها :
رأينا من قبل أن الطاسينات كلها قد فصّلت محورا واحدا وهو قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) كل سورة منها فصّلت فيها نوع تفصيل ، وذكرنا من قبل أن سورتي الزخرف والدخان تفصّلان في محور واحد. هو قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) وقد دلنا على ذلك التشابه بين مطلع سورة يوسف ومطلع السورتين ، مما يدل على وحدة المحور ، كما دلنا على ذلك المضمون نفسه فلنلاحظ المعاني التالية :
١ ـ بدأت سورة يوسف بقوله تعالى : (الر* تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وبدأت سورة الزخرف بقوله تعالى. (حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ..). وجاءت سورة الدخان مبتدأة بقوله تعالى. (حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ..). فالتشابه بين بداية السور الثلاث واضح ، مما نستأنس به أن المحور واحد ...
٢ ـ نلاحظ أنه بعد الآيات الأولى لسورة الدخان يأتي قوله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي