(وَقِيلِهِ) أي : وقال الرسول صلىاللهعليهوسلم لله شاكيا (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) قال قتادة : هو قول نبيّكم صلىاللهعليهوسلم يشكو قومه إلى ربه عزوجل قال تعالى (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) أي : عن المشركين أي فأعرض عن دعوتهم يائسا من إيمانهم وودّعهم وتاركهم (وَقُلْ) لهم (سَلامٌ) قال ابن كثير أي لا تجبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السىء ، ولكن تألّفهم واصفح عنهم قولا وفعلا (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) قال ابن كثير : (هذا تهديد من الله تعالى لهم ، ولهذا أحلّ بهم بأسه الذي لا يردّ ، وأعلى دينه وكلمته ، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب) أقول : وفي الآية تهديد بما سيرونه كذلك في اليوم الآخر. وبهذا انتهت السورة مرتبطا أوّلها بآخرها ، محققا سياقها مجموعة أمور بآن واحد كما سنرى في الكلمة الأخيرة عن السورة مفصّلة في محورها تفصيلا زائدا على ما فصله غيرها كما فلننقل الآن بعض الفوائد المتعلّقة بالمقطع الثالث.
فوائد:
١ ـ رأينا أن أرجح الأقوال عند المفسرين في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) أن المراد بالضمير عيسى عليهالسلام ، وأن نزوله في آخر الزمان علامة على الساعة ، وعلم عنها. ونحن وإن رجّحنا أن يكون الضمير عائدا على القرآن إلا أن ذلك لا ينفي أن يكون نزول عيسى في آخر الزمان علامة على قيام الساعة ، بل ذلك ثابت بأحاديث متواترة كما قال ابن كثير. وقد حقّق شيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كتاب (التصريح بما تواتر في نزول المسيح) وهو مع تحقيقه لا يبقي شبهة في تواتر نزول المسيح عليهالسلام قبيل قيام الساعة.
وبمناسبة هذه الآية يقول صاحب الظلال : (وقد وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى ـ عليهالسلام ـ إلى الأرض قبيل الساعة وهو ما تشير إليه الآية : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) بمعنى أنه يعلم بقرب مجيئها ، والقراءة الثانية (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) بمعنى أمارة وعلامة. وكلاهما قريب من قريب.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من