الملائكة (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) والحديث قبل ذلك عن المسيح كان في معرض الردّ على شبهة للكافرين نشأت بسبب فهم خاطىء لآية قرآنية ، ومن ثم فإننا نرجّح رأي الحسن البصري وسعيد بن جبير في أن الضمير يعود للقرآن فيكون سياق السورة على الشكل التالى :
بدأت السورة بمقدمة ، ثم بحديث عن القرآن : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ.).
ثمّ انتهى مقطع وجاء مقطع مبتدئا بالحديث عن القرآن : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ..).
ثم انتهى مقطع وجاء مقطع مبتدئا بالحديث عن القرآن : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ..).
فالمقطع الأول بدأ بذكر خاصيتين للقرآن : العلو ، والحكمة.
والمقطع الثاني بدأ بذكر خاصية للقرآن وهي التذكير.
والمقطع الثالث بدأ بذكر خاصية للقرآن وهي كونه علما للساعة ، ومن تأمل القرآن ورأى فيه الكلام الكثير عن الساعة ، ودقائق ما يكون فيها وقبلها وبعدها. والتدليل عليها أيقن أن هذا القرآن من عند الله بلا شك ولا ريب. والآن فلنر سياق المقطع الثالث بعد أن رجحنا أن بدايته ما ذكرناه.
٢ ـ بدأ المقطع بذكر أن القرآن علم للساعة أي بذكر خاصية من خواص القرآن ، ثم نهى عن الشك في الساعة ، وأمر باتباع القرآن ، ونهى أن يصدهم الشيطان عن هذا الاتّباع ، وجعل اتّباع القرآن هو الصراط المستقيم.
ثم بين أن الأمر بالاتباع والطاعة والعبادة هو دعوة عيسى عليهالسلام ، وهو الصراط المستقيم. فالكلام عن عيسى عليهالسلام بيان لكون دعوة القرآن هي دعوة الرسل جميعا ؛ فكما أن المقطع الثاني ذكر خاصية من خواص القرآن فكذلك المقطع الثالث. وكما أن المقطع الثاني ذكر نموذجا على كون دعوة الرسل واحدة بالكلام عن موسى عليهالسلام. فإن المقطع الثالث ثنّى بذكر نموذج على كون دعوة الرسل واحدة في الكلام عن عيسى عليهالسلام ، وكما ذكر المقطع الثاني أن فرعون وقومه لم يقبلوا دعوة الله فعوقبوا بيّن المقطع الثالث أن قوم عيسى اختلفوا فاستحقوا العقاب.