وصفاته. (لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) قال ابن كثير : فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي : أنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته ، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى : (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) هذا تمثيل للكافر والمؤمن أي : أيستوي هذا وهذا؟ لا يستويان. ثم قال تعالى تهديدا للكفرة (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) أي : من خير أو شر. قال النسفي : (هذا نهاية في التهديد ..) (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي : إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم فيجازيكم عليه.
كلمة في السياق :
١ ـ مر معنا في أول المقطع قوله تعالى : (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) وقد رأينا أن المجموعة السادسة تحدثت عن الاستقامة ، وما لأصحابها ، وجاءت المجموعة السابعة التي نحن بصددها تتحدّث عن أدلة التوحيد ، وأدلة اليوم الآخر ، وتذكر ما أعدّ الله للكافرين بآياته. أي فصّلت في ماهية الويل للمشركين ، ومن ثم نلاحظ أن قوله تعالى (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ...) تحدّث عن قضية التوحيد ، وأن قوله تعالى (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً ..) تحدّث عن قضية اليوم الآخر. والآية الأخيرة تحدّثت عن عقوبة الملحدين في الآيات الدالة على التوحيد ، والدالّة على اليوم الآخر. فالصلة بين المجموعة وبداية المقطع واضحة.
٢ ـ بعد أن حدّثنا الله عزوجل في المجموعة السادسة. عن الذين يعترفون لله بالربوبية ، والمستقيمين على أمره. حدّثنا في المجموعة اللاحقة عن الطرف المقابل ، وهم الملحدون الذين لا يعترفون لله بالربوبية ، ولا يستقيمون على أمره ، والذين يلحدون في الآيات الدالّة عليه وعلى أسمائه وأفعاله ، وقدّم للكلام عن هؤلاء بذكر آيات كونية تدل عليه عزوجل وعلى أسمائه وأفعاله. وبهذا نعرف الصلة بين المجموعة السادسة والسابعة.
٣ ـ ونلاحظ أن في المجموعة السابعة أمرا بالسجود لله ، وهو من العبادة (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وأمر بإعطاء الآيات الكونية لوازمها العقلية ، وهي معرفة الله وأسمائه وصفاته ، كما نجد نهيا عن الشرك ، وصلة ذلك بمحور السورة وهو : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ .. فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ..) واضحة.