وقد أوضح علم
الأجنة الحديث مدى دقة اختيار القرآن الكريم لتسمية «مضغة» ، من حيث ارتباطها بالشكل
الخارجى للجنين ، وتركيباته الداخلية الأساسية. فقد وجد أنه بعد تخلق الجنين
والمشيمة فى هذه المرحلة ، فإن الجنين يتلقى الغذاء والطاقة ، وبذلك تتزايد عملية
النمو بسرعة ، ويبدأ ظهور الكتل البدنية المسماة فلقات ، والتى تتكون منها العظام
والعضلات.
ونظرا لتعدد
الفلقات التى تتكون ، فإن الجنين يبدو وكأنه مادة ممضوغة عليها طبعات أسنان واضحة
، فهو «مضغة». وهنا يتفق معى الزميل الدكتور محمد على البار فيقول : «وقد كان
المفسرون القدامى يصفون المضغة بأنها مقدار ما يمضغ من اللحم ، ولكنى بعد إعادة
النظر والمناقشة أرى الآن أن وصف المضغة ينطبق تمام الانطباق على مرحلة الكتل
البدنية .. إذ يبدو الجنين فيها وكأن أسنانا انغرست فيه ولاكته ثم قذفته».
وهذه مجموعة من
النقاط التى تبين لنا مدى تطابق تعبير «مضغة» لوصف العمليات الجارية فى هذه
المرحلة :
* ظهور الفلقات
التى تعطى مظهرا يشبه مظهر طبع الأسنان فى المادة الممضوغة ، وتبدو أنها تتغير
باستمرار مثلما تتغير آثار طبع الأسنان فى شكل مادة تمضغ حين لوكها ، وذلك للتغير
السريع فى شكل الجنين ، ولكن آثار الطبع أو المضغ تستمر ملازمة. فالجنين يتغير
شكله الكلى ، ولكن التركيبات المتكونة من الفلقات تبقى. وكما أن المادة التى
تلوكها الأسنان يحدث بها تغضن وانتفاخات وتثنيات ، فإن ذلك يحدث للجنين تماما.
* تتغير أوضاع
الجنين نتيجة تحولات فى مركز ثقله مع تكون أنسجة جديدة ، ويشبه ذلك تغير وضع
المادة وشكلها حين تلوكها الأسنان.
* وكما تستدير
المادة الممضوغة قبل أن تبلع ، فإن ظهر الجنين ينحنى ويصبح مقوسا شبه مستدير مثل
حرف (C) بالإنجليزية. (شكل ٢٨)
* ويكون طول
الجنين حوالى (١) سم فى نهاية هذه المرحلة ، وهو ما يتطابق مع المعنى الآخر لكلمة «مضغة»
وهو (الشىء الصغير من المادة). وينطبق هذا المعنى