علم القرآن الكريم .. فى مواجهة جهل البشرية
منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ، نص القرآن الكريم ـ بكلمات صريحة واضحة ـ على أن خلق البشر يتم على مراحل ، من خلال أطوار متتابعة متلاحقة. واستخدم القرآن فى عرضه لمراحل الخلق مصطلحات علمية دقيقة ، لم يقف العالم على عتبة المعرفة بها إلا منذ مائة عام أو أكثر قليلا.
وفيما عدا علماء المسلمين ، فإن كل هذه الحقائق لم تكن معروفة لدى علماء البشر حتى منتصف القرن الماضى. فمنهم من كان يعتنق النظرة الإغريقية بأن الجنين يتخلق من دماء الحيض. وعند ما اخترع الميكروسكوب فى القرن السابع عشر ، واكتشف الحيوان المنوى ، كان اعتقاد العلماء أن كل خلية منوية تحمل كائنا بشريا كامل الخلق دقيق الحجم ، وهكذا اتجهوا إلى تجاهل الإسهام الوراثى للأنثى فى تخليق الجنين. ثم اكتشفت البييضة فى القرن الثامن عشر ، فاتجه العلماء إلى الاعتقاد بوجود كائن بشرى متكامل التخلق دقيق الحجم فيها ، وهكذا قصرت أفكارهم عن دور الذكر فى التناسل. إجمالا نقول إن محصلة كل هذه المعتقدات والنظريات الخاطئة كان الاعتقاد بأن الحمل منذ بدايته يحتوى على كائن بشرى متكامل الخلق.
أما القرآن الكريم فقد عرض لعملية الخلق من خلال أطوار ومراحل متتالية ، منها السريع ومنها البطىء ، منذ البداية حتى النهاية ، (مثل : سلالة من ماء مهين ـ نطفة ـ علقة ـ مضغة) ، وبتسميات تنطوى على تحديد دقيق للخصائص والوظائف الأساسية (مثل وصف الرحم بأنه «قرار مكين»). بل إن المصطلحات القرآنية تتحدث عن أحجام بالغة الصغر للجنين لا يمكن رؤيتها ولا قياسها إلا تحت الميكروسكوب فقط ، فالنطفة يبلغ قطرها (١ ر ٠ ملم) ، والعلقة يتراوح طولها بين (٧ ر ٠ ـ ٠ ر ٣ ملم) ، والمضغة طولها (٢ ر ٣ ـ ١٣ ملم). أما اختيار حروف العطف فقد جاء متميزا للتدليل على توقيت حدوث المراحل والأطوار الرئيسية الأربعة ، فجاء حرف (ثم) للإشارة إلى المراحل الأساسية ، وجاء حرف (الفاء) للإشارة إلى المراحل الفرعية التى تحدث بتتابع سريع نسبيا.
ومن يقرأ القرآن الكريم يجد أن هناك وحدة متماسكة. فى الحديث عن الخلق