بالدخول فيها إلا بعد الحساب ، فهى دار جزاء لا دار امتحان. ولو كانت جنة آدم هى جنة الخلد لما خفى ذلك عن آدم ، وهو الذى علمه الله الأسماء كلها ، ولما خدع بقول إبليس له (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) [طه : ١٢٠].
وحيث إن هدفى من إيراد هذه المعلومات هو استيفاء كل جوانب قصة خلق آدم وحواء ، فيبقى أن أشير إلى نقطة أخيرة وهى ما الذى أكله آدم وزوجه. لقد أسكن الله آدم وزوجه الجنة وأمرهما بأن يأكلا رغدا حيث شاءا ، لكنه سبحانه وتعالى حرم عليهما شجرة معينة ، حرم عليهما أن يأكلا منها ، بل وحرم عليهما القرب منها مبالغة فى التحذير. وقد ذهب الناس مذاهب شتى فى تحديد هذه الشجرة ـ لا يقوم على أى منها دليل ـ فقيل الحنظلة ، وقيل النخلة ، وقيل الكافور ، وقيل التين ، وقيل السنبلة أو الكرمة ، وقيل هى نوع من أنواع الموز يصلح للطبخ يسمى «موز الفردوس» ، وقيل هى التفاح ولذلك سميت جوزة الحلقوم باسم «تفاحة آدم».
ولكن يبقى فى النهاية أن نؤكد أن أبرز ما يجب ملاحظته فى ختام قصة خلق آدم وحواء هو مبادرتهما بالتوبة ، حيث لم يترددا فى الاعتراف بذنبهما ، فقبل الله توبتهما لعلمه بصدق نيتيهما (١).
__________________
(١) يتفق هذا مع قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) [النساء : ١٧ ، ١٨]