الخلاصة :
بكل الخشوع والإجلال ، نقف أمام المصطلحات الواردة فى القرآن الكريم ، والتى جاءت معبرة بكل دقة عن التطورات التى تقع فى المراحل المختلفة للتخلق. فهى تصف هذه الأحداث حسب تسلسلها الزمنى ، كما تصف المتغيرات التى تطرأ على هيئة الجنين مع التخلق فى كل مرحلة وصفا دقيقا.
وما كان فى وسع رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يعرف هذه الحقائق عن التخلق البشرى فى القرن السابع الميلادى ، وقت نزول القرآن الكريم على قلبه الشريف ، لأن معظمها لم يكتشف إلا فى القرن العشرين (١).
وحتى تكتمل الوقفة التحليلية والموضوعية والعلمية ، فإننا ننتقل إلى بعض الأحاديث النبوية الشريفة ، نستزيد منها استيضاحا.
__________________
(١) من بين النماذج البارزة فى هذا المجال تعبير (النطفة الأمشاج) وهى النطقة الناتجة عن اتحاد نطفة الذكر (الحيمن) بنطفة الأنثى (البييضة). فلقد أسمى علماء الطب الحديث النطفة الناتجة عن هذا الاتحاد «البييضة المخصبة». جاء فى كتاب (تشريح جراى) ، وهو أشهر مرجع فى علم التشريح ، أنه يبدو من اصطلاح البييضة المخصبة هذا وكأن ببييضة الأنثى هى الأصل وأن الحيمن لا يلعب إلا دورا هامشيا أى دورا محفزا وحسب فى تكوينها ، ولهذا فإن المرجع قد اعتبر (البييضة المخصبة) اصطلاحا مضللا غير مرغوب فيه. فلننظر هنا ، مرة أخرى ، إلى عبارة (النطفة الأمشاج) ، تعبيرا قرآنيا ، لا يدانيه أى مصطلح وضعى ، فى دلالته على شركة متساوية للذكر والأنثى فى تكوين المخلوق الجديد.
إن (النطفة الأمشاج) سوف تبقى أعلى وأرقى وأبلغ فى الدلالة عما يتداوله العلماء والأطباء فى قولهم (البييضة المخصبة).