اللافت للنظر أن هذه العبارات التى يفهمها الناس ويتقبلونها ، هى فى نفس الوقت ، عبارات تحمل المعنى الأصلى المراد منها فى تعبير دقيق عن الحقيقة. فهى صيغ يسترعى انتباهنا منها أنها دقيقة جدا ومقصودة ، إذ إن كلا من منها اصطلاح لا يضارعه أى اصطلاح مما قد يخطر فى بال أى عالم من علماء اللغة فى دقته ودلالته. ثم هو إلى جوار ذلك ، اصطلاح جميل ورفيع ، ويوحى بالسمو المعنوى إضافة إلى السمو المادى ، تأنس إليه الأذن ويرتاح له الفؤاد ، ويعتقد به الشخص العالم ، الآن كما فى القديم.
ومعروف أن العلماء قد اتفقوا على أسس وضع المصطلحات العلمية لعلم الأجنة ، بحيث يتحتم أن تكون هذه المصطلحات :
١ ـ واصفة للمظهر.
٢ ـ أن تعكس عمليات التطور التى تحدث فى كل طور وكل مرحلة.
٣ ـ أن تتحاشى وقوع أى تداخل أو التباس فى بداية كل مرحلة ونهايتها.
ومن خلال دراسة كل المصطلحات المتعلقة بتكوين الجنين الإنسانى فى القرآن الكريم ، نجد أنها تستوفى كل الشروط الضرورية اللازمة للتسميات المثالية ، إذ يبرز فيها التطابق والوضوح بالنسبة لكل مرحلة من مراحل تطور الجنين.
ولهذا السبب فإنه لا يمكن أن يعزى تفسير وصف الجنين البشرى الوارد فى القرآن الكريم إلى المعرفة العلمية التى كانت سائدة وقت نزوله فى القرن السابع الميلادى. والاستنتاج المنطقى الوحيد ، والذى لا جدال فيه ـ فى هذا الصدد ـ هو أن الله سبحانه أوحى بذلك إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم النبى الأمى الذى لم يمارس فى حياته نشاطا علميا قط فى هذا المجال أو غيره.
وبعد أن قطعنا سويا رحلتنا مع مراحل الخلق الإلهى ، واحدة تلو الأخرى ، فقد يكون مفيدا أن نتوقف لكى نمعن الفكر ونتدبر ، كما أمرنا الله ، لنرى كيف أبدعت آيات القرآن الكريم فى بيان إعجاز هذا الخلق الإلهى.