(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الذين بعث محمد صلىاللهعليهوسلم مصدّقا لهم والذين دعوا إلى التوحيد (إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) كسنّتنا في إنجاء عباد الله المخلصين (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) أي في الباقين الهالكين وهي زوجته ، وقد مرّت قصتها في أكثر من مكان في القرآن (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) أي أهلكناهم كسنة الله عزوجل في المنذرين المكذبين (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) يا أمة محمد صلىاللهعليهوسلم (مُصْبِحِينَ) (وَبِاللَّيْلِ) أي ليلا ونهارا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي : أفما فيكم عقول تعتبرون بها؟ قال النسفي : (وإنما لم يختم قصة لوط ويونس بالسلام كما ختم قصة من قبلهم لأن الله تعالى قد سلّم على جميع المرسلين في آخر السورة ، فاكتفى بذلك عن ذكر كل واحد منفردا بالسلام).
كلمة في السياق :
خدمت قصة لوط سياق السورة في قضيتين : قضية إهلاك المكذبين للرسل ، وقضية إنجاء عباد الله المخلصين من عذاب الله في الدنيا ، ومحل ذلك في السياق لا يخفى ؛ فقد سبقت هذه النماذج كلها بقوله تعالى (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ* إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) ومحل ذلك في قضية التوحيد واضح ، فالرسل الذين بعثوا بالتوحيد أيّدهم الله ، بأن عذّب من خالفهم ، ونجى من وافقهم واتّبعهم.
(وَإِنَّ يُونُسَ) بن متى (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الذين جاء محمد صلىاللهعليهوسلم مصدّقا لهم (إِذْ أَبَقَ) أي هرب (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي المملوء (فَساهَمَ) أي فقارعهم عندما هاج البحر فيمن يلقي نفسه من السفينة (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) أي المغلوبين بالقرعة (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) أي فابتلعه الحوت وهو داخل في الملامة (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) أي من الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح ، أو من القائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، أو من المصلّين (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) أي في بطن الحوت (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي إلى يوم البعث (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) أي فألقيناه بالمكان الخالي الذي لا شجر فيه ولا نبات (وَهُوَ سَقِيمٌ) أي عليل مما ناله من التقام الحوت (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) أي من قرع (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) أي بل يزيدون (فَآمَنُوا) به وبما أرسل به (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) أي إلى منتهى آجالهم.