وتلا عبد الله رضي الله عنه هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية. (أثر آخر) روى أبو داود الطيالسي عن عقبة بن صهبان الهنائي قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ) (اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) الآية ، فقالت لي : يا بني هؤلاء في الجنة أما السابق بالخيرات : فمن مضى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، شهد له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالجنة ، وأما المقتصد : فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق بهم ، وأما الظالم لنفسه : فمثلي ومثلكم قال : فجعلت نفسها رضي الله عنها معنا ، وهذا منها رضي الله عنها من باب الهضم والتواضع ، وإلا فهي من أكبر السابقين بالخيرات ، لأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. وقال عبد الله بن المبارك رحمهالله : قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في قوله تبارك وتعالى (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) قال : هي لأهل بدونا ، ومقتصدنا أهل حضرنا ، وسابقنا أهل الجهاد ، رواه ابن أبي حاتم.
وقال عوف الأعرابي : حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : حدثنا كعب الأحبار رحمة الله عليه قال : إن الظالم لنفسه من هذه الأمة ، والمقتصد والسابق بالخيرات كلهم في الجنة ، ألم تر أن الله تعالى قال (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) إلى قوله عزوجل (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) قال : فهؤلاء أهل النار ، رواه ابن جرير من طرق عن عوف به ثم قال : إن ابن عباس رضي الله عنهما سأل كعبا عن قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) إلى قوله (بِإِذْنِ اللهِ) قال : تماست مناكبهم ورب كعب ، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم ، ثم روى ابن جرير عن أبي إسحاق السبيعي في هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية ، قال أبو إسحاق : أما ما سمعت من ذي ستين سنة فكلهم ناج ، ثم روى ابن جرير أيضا ـ بسنده ـ عن محمد ابن الحنفية رضي الله عنه قال : إنها أمة مرحومة ، الظالم مغفور له ، والمقتصد في الجنان عند الله ، والسابق بالخيرات في الدرجات عند الله. ورواه الثوري عن إسماعيل ابن إسماعيل عن رجل عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه بنحوه. وقال أبو الجارود : سألت محمد بن علي ـ يعني الباقر ـ رضي الله عنهما عن قول الله تعالى (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) فقال : هو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا. فهذا ما تيسر من إيراد