تَقْتِيلاً).
وفي محور سورة النساء جاء قوله تعالى : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) وههنا جاء قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ...).
٢ ـ جاء في المقطع الثامن (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ... وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ...) وجاء ههنا (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) وجاء ههنا عقوبة المرجفين : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) فالصلة بين المقطع والذي قبله واضحة.
التفسير :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) قال ابن كثير : (يقول تعالى آمرا رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يأمر النساء المؤمنات ، خاصة أزواجه وبناته لشرفهن ، بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية ، وسمات الإماء). وقد اختلفت عبارات المفسرين في تفسير الجلباب فقيل : الملحفة ، وقيل : هو الرداء فوق الخمار ، وقيل هو ما يستر الكل. ولنا عودة على هذا في الفوائد. قال النسفي في الآية : (أي ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنّع حتى تتميّز من الأمة ، أو المراد أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب ، وألّا تكون المرأة متبذّلة في درع وخمار كالأمة ، ولها جلبابان فصاعدا في بيتها).
أقول : وعلى هذا القول فإن الأمر في الآية يفيد أنّ على المرأة المؤمنة أن تلبس جلبابا فوق ثيابها التي تلبسها في بيتها عادة ، وأن تدني هذا الجلباب بحيث يستر. قال عكرمة : تغطّي نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، وفوق ذلك يكون الخمار ، وبعضهم يرى أن الجلباب ينبغي أن يستر الخمار كذلك ، وأن يدنى على الوجه ، وهو موضوع سنرى تفصيلاته في الفوائد. ثم بيّن الله عزوجل حكمة هذا الأمر (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي أولى وأجدر بأن يعرفن أنهنّ حرائر ، ومسلمات ؛ فلا يتعرّض لهنّ. (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) قال النسفي : أي لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر