أنس : والناس يومئذ في جهد ، فجئت به فقلت : يا رسول الله بعثت بهذا أم سليم إليك ، وهي تقرئك السلام ، وتقول : أخبره أن هذا منا له قليل ، فنظر إليه ثم قال : «ضعه» فوضعته في ناحية البيت ثم قال : «اذهب فادع فلانا وفلانا» فسمى رجالا كثيرا وقال : «ومن لقيت من المسلمين» فدعوت من قال لي ، ومن لقيت من المسلمين ، فجئت والبيت والصفة والحجرة ملأى من الناس ، فقلت : يا أبا عثمان كم كانوا؟ فقال كانوا زهاء ثلاثمائة. قال أنس : فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : جىء به ، فجئت به إليه ، فوضع يده عليه ودعا وقال : «ما شاء الله ـ ثم قال ـ ليتحلّق عشرة عشرة ، وليسمّوا ، وليأكل كلّ إنسان مما يليه» فجعلوا يسمّون ويأكلون ، حتى أكلوا كلهم ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارفعه» قال : فجئت فأخذت التور فنظرت فيه ، فما أدري أهو حين وضعت أكثر أم حين أخذت. قال : وتخلف رجال يتحدثون في بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي دخل بها معهم مولية وجهها إلى الحائط ، فأطالوا الحديث ، فشقوا على رسول الله ، وكان أشد الناس حياء ، ولو أعلموا ، كان ذلك عليهم عزيزا ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم على حجره وعلى نسائه ، فلما رأوه قد جاء ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه ، ابتدروا الباب فخرجوا ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أرخى الستر ودخل البيت ، وأنا في الحجرة ، فمكث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته يسيرا ، وأنزل الله عليه القرآن ، فخرج وهو يتلو هذه الآية : «(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) الآية. قال أنس : فقرأهن عليّ قبل الناس ، فأنا أحدث الناس بهن عهدا» ... وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي ... ، وروى الإمام أحمد عن أنس لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لزيد : «اذهب فاذكرها عليّ» قال : فانطلق زيد حتى أتاها ـ قال : وهي تخمّر عجينها ـ فلما رأيتها عظمت في صدري. وذكر تمام الحديث كما قدمناه عند قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) وزاد في آخره : ووعظ القوم بما وعظوا به. قال هاشم في حديثه : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) الآية. وروى ابن جرير عن عائشة قالت : إن أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ـ وهو صعيد أفيح ـ وكان عمر يقول لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حجّب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر بصوته الأعلى : قد عرفناك يا سودة ، حرصا على أن ينزل الحجاب قالت : فأنزل الله الحجاب. هكذا وقع في هذه الرواية ، والمشهور أن هذا كان بعد