مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) وهناك اتجاهات أخرى في الآية ، وقد لخّص النّسفي كل الاتجاهات في الآية مفسّرا قوله تعالى : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) فقال : (بمعنى تترك مضاجعة من تشاء منهن ، وتضاجع من تشاء ، أو تطلّق من تشاء ، وتمسك من تشاء ، أو لا تقسم لأيتهن شئت ، وتقسم لمن شئت ، أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك ، وتتزوّج من شئت ، وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض لأنه إما أن يطلّق وإما أن يمسك ، فإذا أمسك ضاجع ، أو ترك ، وقسم ، أو لم يقسم ، وإذا طلّق وعزل ، فإما أن يخلي المعزولة لا يبتغيها أو يبتغيها. وروي أنه أرجى منهن جويرية ، وسودة ، وصفية ، وميمونة ، وأم حبيبة ، وكان يقسم لهن ما شاء كما شاء ، وكانت ممن آوى إليه عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب ، أرجى خمسا ، وآوى أربعا ، وروي أنه كان يسوّي مع ما أطلق له ، وخيّر فيه ، إلا سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة ، وقالت لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك).
٥ ـ بمناسبة قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) قال ابن كثير : (أي من الميل إلى بعضهن دون بعض ، مما لا يمكن دفعه كما روى الإمام أحمد ... عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقسم بين نسائه ، فيعدل ثم يقول : «اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». رواه أهل السنن الأربعة وزاد أبو داود بعد قوله : «فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني القلب. وإسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات).
٦ ـ رأينا في تفسير قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ...) أن الاتجاه الرئيسي في الآية أنها منسوخة ، إلا أن هناك اتجاها في الفهم يوجه الآية بما يجمع بين الآيات بلا نسخ. وقد ذكر ابن كثير أدلة القائلين بالنسخ ثم ذكر الأقوال الأخرى. قال ابن كثير :
(روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحلّ الله له النّساء ، ورواه أيضا من حديث ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة ، ورواه الترمذي والنسائي في سننيهما. وروى ابن أبي حاتم عن أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء ، إلا ذات محرم. وذلك قوله تعالى : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) الآية فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة ، كآيتي عدة الوفاة في سورة البقرة ، الأولى ناسخة