بمعنى : أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي ، ولا عقد ، ولا مهر ، ولا شهود من البشر). وسنرى ذلك في الفوائد. ثم بيّن الله عزوجل حكمة ذلك (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) أي إذا أدركوا منهنّ حاجة ، وبلوغ مراد (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي وكان أمر الله الذي يريد أن يكونه مكوّنا لا محالة ، وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب. قال ابن كثير : (أي وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدّره الله تعالى وحتّمه ، وهو كائن لا محالة ، وكانت زينب في علم الله ستصير من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم) (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أي فيما أحل له وأمر له وهو نكاح زينب امرأة زيد ، أو قدّر له من عدد النساء. قال ابن كثير : (أي فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب رضي الله عنها التي طلقها دعيّه زيد بن حارثة رضي الله عنه) (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي في الأنبياء الذين مضوا من قبل. قال ابن كثير : (أي هذا حكم الله تعالى في الأنبياء قبله ، لم يكن ليأمرهم بشىء وعليهم في ذلك حرج ، وهذا ردّ على من توهّم من المنافقين نقصا في تزويجه امرأة زيد مولاه ودعيّه الذي كان قد تبنّاه) (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أي قضاء مقضيا ، وحكما مبتوتا. قال ابن كثير : (أي وكان أمره الذي يقدّره كائنا لا محالة ، وواقعا لا محيد عنه ولا معدل ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن) (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) إلى خلقه ويؤدونها بأمانة (وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) أي يخافونه ولا يخافون أحدا سواه ، فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أي وكفى بالله ناصرا ومعينا ، أو كافيا للمخاوف ، أو محاسبا على الصغيرة والكبيرة (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أي لم يكن أبا رجل منكم حقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصهر والنكاح (وَلكِنْ) كان (رَسُولَ اللهِ. وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) أي آخرهم يعني : لا ينبأ أحد بعده ، وعيسى ممّن نبىء قبله ، وحين ينزل ينزل عاملا بشريعة محمد صلىاللهعليهوسلم كأنه بعض أمته ، وفهم من الآية أن زيدا لما كان واحدا من رجالهم الذين ليسوا بأولاده حقيقة فحكمه حكمهم في كونه داخلا في أبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم العامّة للمؤمنين ، فيما يرجع إلى وجوب التوقير ، والتعظيم له عليهم ، ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه ، لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) وقد أخبر بما أخبر عنه هنا علما منه أن محمدا صلىاللهعليهوسلم لن يكون له ولد يبلغ مبالغ الرجال ،