١٧ ـ بمناسبة قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ) الواردة بعد الآية التي تذكر الشرك والزنا والقتل. قال ابن كثير : وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل ، ولا تعارض بين هذه وبين آية النساء (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) الآية ؛ فإن هذه وإن كانت مدنية ـ إلا إنها مطلقة ، فتحمل على من لم يتب ، لأن هذه مقيدة بالتوبة. ثم قد قال الله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) الآية. وقد ثبتت السنة الصحيحة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصحة توبة القاتل ، كما ذكر مقررا من قصة الذي قتل مائة رجل ثم تاب فقبل الله توبته ، وغير ذلك من الأحاديث وقوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) أقول : وقد تكلمنا عن هذا الموضوع في سورة النساء فراجعه.
١٨ ـ رأينا أن في قوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) اتجاهين نقلناهما في التفسير. والاتجاه الثاني هو الذي رجحه ابن كثير وذكر أن الأحاديث والآثار تشهد له فقال : «فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار. وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة ، يؤتى برجل فيقول نحوا عنه كبار ذنوبه ، وسلوه عن صغارها ، قال فيقال له : عملت يوم كذا : كذا وكذا ، وعملت يوم كذا : كذا وكذا وكذا ، فيقول : نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة ، فيقول : يا رب عملت أشياء لا أراها ههنا». قال فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتي بدت نواجذه» انفرد بإخراجه مسلم. وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان اعطني صحيفتك فيعطيه إياها ، فما وجد في صحيفته من حسنة محابها عشر سيئات من صحيفة الشيطان ، وكتبهن حسنات ، فإذا أراد أحدكم أن ينام فليكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة ، ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ، ويسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، فتلك مائة» وروى ابن أبي حاتم عن سلمان قال : يعطى الرجل يوم القيامة صحيفته ، فيقرأ أعلاها فإذا سيئاته ، فإذا كاد يسوء ظنه نظر في أسفلها فإذا حسناته ، ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات. وروى أيضا عن أبي هريرة قال : ليأتين الله عزوجل بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات. قيل من هم يا أبا هريرة؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ، وروى أيضا عن أبي الصيف وكان من أصحاب معاذ بن جبل. قال : يدخل أهل الجنة على أربعة أصناف : المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم أصحاب اليمين قلت : لم سموا أصحاب