فوق الحاجة ، ولا بخلاء على أهليهم ، فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم بل عدولا خيارا. وخير الأمور أوسطها لا هذا ولا هذا (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) قال النسفي : أي عدلا بينهما. فالقوام العدل بين الشيئين (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) أي لا يشركون (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) أي حرمها يعني حرم قتلها (إِلَّا بِالْحَقِ) قال النسفي : بقود أو رجم ، أو ردة أو شرك أو سعي في الأرض بالفساد (وَلا يَزْنُونَ) نفي هذه الكبائر عن عباده الصالحين ، تعريض لما عليه أعداؤهم كأنه قيل : والذين طهرهم الله مما أنتم عليه (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي المذكور من الشرك والقتل بغير حق والزنى (يَلْقَ أَثاماً) أي نكالا جزاء الإثم (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يكرر عليه ويغلظ (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) أي ذليلا (إِلَّا مَنْ تابَ) عن الشرك (وَآمَنَ) بمحمد عليهالسلام (وَعَمِلَ) بعد توبته (عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) إما بأن يوفقهم الله إلى عمل الحسنات بدل السيئات ، أو أن السيئة تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات. قال ابن كثير : وما ذاك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر ، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار ، فيوم القيامة وإن وجده مكتوبا عليه فإنه لا يضره ، وينقلب حسنة في صحيفته. كما ثبتت السنة بذلك وصحت به الآثار المروية عن السلف ، وسنراها في الفوائد.
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً) يكفر السيئات (رَحِيماً) يبدلها بالحسنات (وَمَنْ تابَ) إلى الله (وَعَمِلَ صالِحاً) أي وحقق التوبة بالعمل الصالح (فَإِنَّهُ يَتُوبُ) بذلك (إِلَى اللهِ مَتاباً) أي مرضيا عنده مكفرا للخطايا ، محصلا للثواب (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي الكذب يعني (ينفرون عن محاضر الكذابين ، ومجالس الخطائين ، فلا يقربونها تنزها عن مخالطة الشر وأهله ، إذ مشاهدة الباطل شركة فيه ، وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام ، لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا ، وسبب وجود الزيادة فيه) هذا قول النسفي. وقال ابن كثير : (قيل هو الشرك وعبادة الأصنام ، وقيل الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل. وقال محمد بن الحنفية : هو اللغو والغناء. وقال أبو العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم : هو أعياد المشركين. وقال عمرو بن قيس : هي المجالس السوء والخنا. وقال مالك عن الزهري : شرب الخمر لا يحضرونه ولا يرغبون فيه .. وقيل المراد أي شهادة الزور وهي الكذب