الترمذي في جامعه مسندا عن عمران بن الحصين عن أبيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحو ذلك.
كلمة في سورة المؤمنون :
بدأت السورة بتبشير المؤمنين ، وتحديد صفاتهم التي إذا تحققوا بها اجتمعت لهم صفتا الإيمان والعمل الصالح ، ولما كان الإيمان أثر المعرفة ، والعمل الصالح أثرا عن رؤية النعمة لأنه شكرها فقد جاءت مجموعة تعرف على الله وعلى نعمه من خلال عرض مظاهر من آثار قدرته وعنايته ، ثم قص الله علينا من خبر الأنبياء وختم ذلك بقوله (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) فكان في ذكره هذه القصص ما يشير إلى عناية خاصة بأهل الإيمان ، وكان في هذا النداء ما يشير إلى أن شكر النعمة إنما هو بالعمل الصالح ، ثم ذكرنا الله بوحدة هذه الأمة ، ووحدة أمرها مما أفهمنا به أن هذه الأمة مطالبة بهدي الأنبياء كله ، وذلك هو العمل الصالح.
ثم ذكرت السورة الحقائق التي إذا تحقق بها إنسان عمل الصالحات ، وسارع إليها بل وسبقها ، ثم قررت أن التكليف بحسب الطاقة مما يشير إلى أن الإنسان لا يطالب من الصالحات إلا في حدود وسعه ، ثم بينت السورة أن قلوب الكافرين غافلة عن مثل هذا وأن أعمالهم سيئة ، فقررت بذلك أن العمل الصالح أثر عن العقيدة الصالحة ، والقلب الصالح ، والأعمال السيئة أثر عن العقيدة الفاسدة ، والقلب الفاسد ، ثم أنذرت أصحاب القلوب الغافلة بعقوبات : فذكرت العقوبة الأولى ، ثم دعت إلى الإيمان ، وفندت الكفر ، وبينت أن هؤلاء لن يستفيدوا عظة وعبرة من هذه العقوبة. ثم أنذرت هؤلاء بعقوبة ثانية تعم الجميع حتى لتجعلهم آيسين ، ثم ذكرت بنعم الله الكبرى على الإنسان ، وذكرت إلحاد الكافرين باليوم الآخر ، وأقامت عليهم الحجة ، ثم ختمت بالتذكير بحال الكافرين عند الموت ، منذرة إياهم ، مبينة أنهم وقتها يطالبون بالعودة إلى الدنيا ، لتتاح لهم فرصة العمل الصالح.
ثم تبين السورة حال المؤمنين الصالحين في الآخرة ، وحال الكافرين الذين لا يعملون الصالحات ويسخرون من المؤمنين ، وما أعد الله لهؤلاء وهؤلاء ، مبينة من خلال العرض أنه لم يخلق الإنسان سدى ، ومثبتة من خلال ذلك أهل العمل الصالح وأهل الإيمان ، ومصبرة لهم على أقوال الكافرين وأفعالهم ، وفي هذا السياق أمر الله رسوله