في السفينة (مِنْ كُلٍ) أي من كل صنف من أصناف المخلوقات (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) قال ابن كثير : أي ذكرا وأنثى من كل صنف من الحيوانات والنباتات والثمار وغير ذلك (وَأَهْلَكَ) أي وأدخل فيها أولادك ومن معك من المؤمنين والمؤمنات (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) من الله بإهلاكهم (مِنْهُمْ) وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله ، كأبنه وزوجته (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ولا تسألني نجاة الذين كفروا (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) أي قد قضيت أنهم مغرقون على ما هم عليه من الكفر والطغيان ، هذا نهي له أن تأخذه رأفة بقومه ، وشفقة عليهم ، وطمع في تأخيرهم لعلهم يؤمنون ، وذلك عند معاينة إنزال المطر العظيم (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ) أي فإذا تمكنتم عليها راكبين (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم قال النسفي : ولم يقل : فقولوا وإن كان (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ) في معنى إذا استويتم لأنه نبيهم وإمامهم ، فكان قوله قولهم مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوة (وَقُلْ) حين ركبت على السفينة أو حين خرجت منها (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً) أي إنزالا (مُبارَكاً) قال النسفي : البركة في السفينة النجاة فيها وبعد الخروج منها كثرة النسل وتتابع الخيرات (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) فاختر لنا (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في هذا الصنيع وهو إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين (لَآياتٍ) أي لعبرا ومواعظ وحججا ودلالات واضحات على صدق ما الأنبياء جاؤوا به عن الله تعالى ، وأنه تعالى فاعل لما يشاء ، قادر على كل شىء عليم بكل شىء (وَإِنْ) أي وإن الشأن والقصة (كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) أي لمختبرين للعباد بإرسال المرسلين ، أو مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويتذكر (ثُمَّ أَنْشَأْنا) أي خلقنا (مِنْ بَعْدِهِمْ) أى بعد قوم نوح (قَرْناً آخَرِينَ) قيل المراد بهم عاد فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم ، وقيل المراد بهؤلاء ثمود ، ورجح النسفي أنهم عاد قوم هود قال : ويشهد له قول هود (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) ومجئ قصة هود على أثر قصة نوح في الأعراف وهود والشعراء (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) أي من القوم أنفسهم ، وليس من غيرهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) فماذا كان موقف الكفر (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) أي بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب وغير ذلك (وَأَتْرَفْناهُمْ) أي ونعمناهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بكثرة الأولاد والأموال قال هؤلاء ما هذا أي النبي (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ