نقول :
١ ـ قال الألوسي في تقديمه لسورة (طه) : (وتسمى أيضا سورة (الكليم) كما ذكر السخاوي في جمال القراء ، وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم مكية. واستثنى بعضهم منها قوله تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) الآية.
وقال جلال السيوطي : ينبغي أن يستثنى آية أخرى ، فقد أخرج البزار وأبو يعلى عن أبي رافع قال : أضاف النبي صلىاللهعليهوسلم ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال : لا إلا برهن ، فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته فقال : «أما والله إني لأمين في السماء ، أمين في الأرض ، فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) الآية انتهى.
ولعل ما روي عن الحبرين على القول باستثناء ما ذكر باعتبار الأكثر منها. وآياتها كما قال الداني مائة وأربعون آية شامي ، وخمس وثلاثون كوفي ، وأربع حجازي ، وآيتان بصري ، ووجه الترتيب على ما ذكره الجلال : أنه سبحانه لما ذكر في سورة مريم قصص عدة من الأنبياء عليهمالسلام. وبعضها مبسوط كقصة زكريا ويحيى وعيسى عليهمالسلام ، وبعضها بين البسط والإيجاز ، كقصة إبراهيم عليهالسلام ، وبعضها موجز مجمل كقصة موسى عليهالسلام ، وأشار إلى بقية النبيين عليهمالسلام إجمالا ، ذكر جل وعلا في هذه السورة شرح قصة موسى عليهالسلام التي أجملها تعالى هناك ، فاستوعبها سبحانه غاية الاستيعاب ، وبسطها تبارك وتعالى أبلغ بسط ، ثم أشار عز شأنه إلى تفصيل قصة آدم عليهالسلام الذي وقع في (سورة مريم) مجرد ذكر اسمه ، ثم أورد جل جلاله في سورة الأنبياء بقية قصص من لم يذكر قصته في سورة مريم كنوح ، ولوط ، وداود ، وسليمان ، وأيوب ، واليسع ، وذي الكفل ، وذي النون ، عليهمالسلام ، وأشير فيها إلى قصة من ذكرت قصته إشارة وجيزة كموسى ، وهرون ، وإسماعيل ، وذكرت تلو مريم لتكون السورتان كالمتقابلتين. وبسطت فيها قصة إبراهيم عليهالسلام البسط التام فيما يتعلق به مع قومه ، ولم يذكر حاله مع أبيه إلا إشارة ، كما أنه في سورة مريم ذكر حاله مع قومه إشارة ومع أبيه مبسوطا. وينضم إلى ما ذكر اشتراك هذه السورة وسورة مريم في الافتتاح بالحروف المقطعة ، وقد روي عن ابن عباس وجابر بن زيد رضي الله تعالى عنهم أن سورة طه نزلت بعد سورة مريم. ووجه