نكاحهن وهي قوله تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (١) فيكون محصل الكلام في الآية هو انه بعد ان جرى التعرض لاموال اليتامى جرى التعرض ليتامى النساء في المعاملة معهن في ذواتهن بالقسط بمعنى انكم إذا أحس أحدكم من نفسه انه لا يسمح لمن عنده من يتامى النساء ان يؤتيها ما كتب الله لها من الأموال لئلا تذهب به الى من يتزوجها وترغبون في ان تتزوجوهن إما رغبة في أموالهن وبقائها في حوزتكم او رغبة فيهن ولكنكم تتحرجون من التزوج بهن اما لتوهم الحرج في تعدد الزوجات او في نكاح من ربيت يتيمة عندكم قياسا على الربائب كما أشار اليه القمي في تفسيره فتخافون من اجل ذلك ان تمنعوهن من الزواج فلا تقسطوا فيهن بل تظلمونهن بذلك فإن الله جلت آلاؤه يرشدكم الى رفع هذا الخوف بان تتزوجوهن وان كنتم ذوي زوجات فانه أحل لكم ولغيركم في الشريعة ان تنكحوا ما طالب لكم بالحل من النساء اللاتي لم يذكر تحريمهن في الشريعة الى اربع. و «ما» في ما طاب الاشارة الى عنوان الجنس المتصف بالحل بجميع اصنافه من حيث الثيبوبة والبكارة والمال والجمال والفقر وعدم الجمال وكونها يتيمة مرباة او غير ذلك ولو قيل «من طبن» لتوجه الذهن الى اعيان المحللات وفاتت فائدة الإشارة المذكورة. واما الأمر في قوله تعالى (فَانْكِحُوا) فانه بحسب وجه الكلام في الجملة الشرطية وعنوان الأسلوب والسياق ما هو الا للإرشاد الى نحو من أنحاء التخلص مما يخافونه من عدم الاقساط مع إمكان التخلص ايضا بجهاد النفس وكفها عن الحرص في اموال اليتامى. فالآية الكريمة اذن جارية في خصوصياتها واشاراتها وقرائنها على النحو السامي من البراعة والمنهج الواضح في البلاغة. ولنا الفخر إذا اهتدينا بالتدبر في خصوصياتها وقرائنها ومزاياها الى ما هي عليه من اتساق النظام ، وسداد الانتظام وبراعة الأسلوب (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) اي اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا بحسب ما تريدون. والمعدودات بدل تفصيلي من «ما طاب» ومنعت هذه الكلمات من الصرف لكونها معدولة عما
__________________
(١) وفي كتابي التفسير من جامعي البخاري ومسلم من طريق الزهري عن قول عائشة في آخر الحديث «رغبة أحدكم عن يتيمته. من اجل رغبتكم عنهن» لكن الحديث مضطرب الأطراف ، متدافع الكلمات فإن في آخره ايضا «ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء» وفي اوله «يعجبه مالها وجمالها ويريد ان يتزوجها» وفي الحديث ايضا ان الذي يتلى في يتامى النساء هو قوله تعالى وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا الآية. وزد على ذلك ما تجده من التدافع والاضطراب بين هذه الرواية في تفسير الآيتين وبين ما رواه هشام عن أبيه عروة عنها كما في جامع مسلم. فدع هذا الحديث لما به