ـ الأمر السابع ـ وعز عليّ ان أذكره. لكن اصحاب الجوامع والمسند وابن جرير وغيرهم من الجمهور تعرضوا له بما لا يخلو من النقد التاريخي وتعرض له الرازي والألوسي وصاحب المنار في تفاسيرهم بما لا يخلو من النقد العلمي والتاريخي وقد ذكروه بنحو يوجه اللوم على الزهراء (ع) وعلي (ع) وانهما لم يقتنعا بالرواية عن رسول الله (ص) بل أصرا بحنق وشدة على المطالبة به على خلاف المأمول بمقامهما العظيم في الكرامة والدين والمحافظة على الشريعة. ولو لا ذلك لكان ترك التعرض منا له أولى واهدأ للخواطر. ولكن لا بأس بالنقد التاريخي النزيه وتمحيص الروايات والأقوال في هذا المقام. وأمر الحقيقة موكول الى الله وعلمه. وحاصله ان آيات (الْأَقْرَبِينَ) و (أُولُوا الْأَرْحامِ) و (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) تقتضي ان تركة رسول الله (ص) يرثها وارثه وهي ابنته وبضعته فاطمة (ع). ولكن ذكر التاريخ المؤلم في ذلك نزاعا احتدمت ناره مدة من السنين بين أهل البيت والعباس من جانب وبين المعاريف من مشايخ الصحابة من جانب آخر. وكثر من ذلك في المروي ما لا يهون وقوعه إذ يروى انه استمرت شكاية أهل البيت (ع) ومنازعتهم في ذلك الى زمن عثمان ورأوا بعد ذلك ان السكوت أولى. وقد جاء في تأريخ ذلك من كتب الجمهور عن الصحابة أحاديث ـ الاول ـ في كتاب الجهاد من جامعي البخاري ومسلم من طريق عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة ان فاطمة (ع) بنت رسول الله (ص) أرسلت الى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة (١) وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال ابو بكر قال رسول الله لا نورّث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال واني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله ولأعملن به بما عمل به رسول الله (ص) فأبى ابو بكر أن يدفع الى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك. فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر : وروى نحوه مسلم ايضا في جامعه وابن جرير في تاريخه من طريق عبد الرزاق عن الزهري عن عروة عن عائشة. لكن ذكرا في أوله ان فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله (ص) وهما يطلبان ارضه من فدك وسهمه من خيبر. ونحوه في كتاب الفرائض من جامع البخاري من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الى قولها فهجرته حتى ماتت : وروى مسلم ايضا من طريق صالح عن الزهري عن عائشة ان فاطمة سألت أبا بكر ان يقسم
__________________
(١) من أموال بني النضير حيث انجلوا عنها وبقيت فيئا لرسول الله (ص)