بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
____________________________________
بِآياتِنا) فكفروا بالرسول الأكرم والكتاب الكريم (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ) يوم القيامة (ناراً) مسعرة يصلونها (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) بسعيرها (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) في الصورة بأن تعود بقدرة الله تلك الجلود الناضجة كالتي لم تنضج ليبقى فيها حسها فيدوم بذلك عذابهم فعن أمالي الشيخ مسندا وفي كتاب الاحتجاج عن الصادق (ع) انه سئل عن ذلك فقال هي هي وهي غيرها وضرب لهم المثل باللبنة إذا كسرتها حتى صارت ترابا ثم صببت عليها الماء وجبلتها لبنة على هيأتها فهي هي في المادة وإنما حدث التغيير والمغايرة في الصورة. أقول وهذا هو المنطبق على حكمة المعاد الجسماني (١) وان الله يحيي العظام وهي رميم ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأسراء (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢) وهو الوجه للرازي وجزم به ابو السعود (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) الدائم (إِنَّ اللهَ كانَ) ولا يزال (عَزِيزاً) في حكمه (حَكِيماً) في أعماله ٥٧ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
__________________
(١) وقد أشرنا الى شيء من ذلك في الجزء الثالث من المدرسة السيارة ص ١٢١ حتى ١٢٣ في الطبعة الأولى والثانية
(٢) ولكن صاحب المنار نسب هذا المروي للمتكلمين وقال انه سفسطة ظاهرة. وليته ابان الوجه في كونها سفسطة ظاهرة وقد اختار هو ان يكون ذلك من مقتضى العادة في الدنيا في ان الجلد إذا لفحته النار وفسد نبت تحته جلد آخر يخلفه كما جرى ديدنه في تفسيره من إبائه لخوارق العادة بقدرة وتنزيل ما جاء من ذلك في القرآن على السنة الكونية والنظام الطبيعي كما أشرنا الى بعضه في بعض تعليقاتنا في هذا التفسير على كلامه ولكنه لماذا لا يلتفت ان امر القيامة وبقاء الأجسام في تلك النار العظيمة المهولة دهورا وأحقابا انما هو خرق لما هو العادة والسنة الكونية في الحياة الدنيا واما ما يراه من نبات الجلد في الدنيا تحت الجلد المحترق فإنما هو من تقدير الله للنمو بالتغذي إذا لم يمنع ما قدر الله منعه كدوام النار عليه ومن اين يكون لأهل جهنم والسعير ذلك النمو المقدر في الدنيا والحال انهم في جهنم «ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع» بل جعل الجوع زيادة في العقاب لا لأجل التغذي والنمو فأين قياسه وكيف يقيس