فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
____________________________________
وانسب ما يكون في هذا المقام هو استفادة الطهارة والحل. اما الطهارة فيشهد لها ما صح واستفاض بين المسلمين من قوله (ص) خلقت لي الأرض مسجدا وطهورا. لا لما يقال من ان طهورا مبالغة في الطاهر ومعنى المبالغة ان يكون مطهرا. فإنه ممنوع لأن المبالغة في الصفة القاصرة كالطاهر لا تقلبها إلى المتعدية كالمطهر. نعم لفظ الحديث يشير إلى معنى المطهر باعتبار ان الطهور اسم لما يتطهر به كالوقود والسحور والسعوط ونحوها بفتح أولها فتستفاد الطهارة من ذلك. لأن مما لا يذعن به الذهن ولا يستقيم في الفهم ان يكون ما يتطهر به غير طاهر وان كان تطهيره معنويا. ولا بد من جريان الحديث على ما يقتضيه الذهن والفهم من طهارة المطهر كما هو اللازم في حكمة الخطاب. فتكون الطهارة من وجوه الطيب في الآية. والظاهر اجماع الإمامية على اعتبار الطهارة في الصعيد. والظاهر اجماع المسلمين على اشتراط إباحته وعدم جواز التيمم بالمغصوب. ويعضده الإجماع على ان التيمم بجميع أفعاله عبادة ومنها الضرب على الصعيد او وضع اليد عليه وان كان على الحجر للتيمم. وهذا الضرب او وضع اليد على غير المباح تصرف غصب والغصب منهي عنه ولا يكون عبادة. وهذا أيضا يبين وجها من وجوه الطيب في الآية وهو الإباحة (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) ولا ينبغي الشك في ان يكون اللازم في دلالة الآية ان يكون هناك شيء يمس به الصعيد فيمسح بالوجه واليدين. وبالنظر إلى المتعارف في الأعمال ودلالة المقام ان ذلك هما اليدان. وفي الجوامع الستة وعن ابن أبي شيبة عن عمار في حديث تيممه ان رسول الله (ص) قال له إنما يكفيك ان تقول هكذا ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه. واستفاضت رواية ذلك من طرق الإمامية عن الباقر والصادق (ع) لكن في صحيحة الفقيه عن زرارة عن الباقر (ع) عن تيمم رسول الله فوضعهما على الصعيد ثم مسح بهما جبينيه. وفي آخر السرائر من كتاب ابن بكير عن زرارة عن الباقر (ع) ثم مسح بجبينيه ثم مسح كفيه كل واحدة على ظهر الأخرى. واخرج الحاكم وعن الطبراني عن ابن عمر عن رسول الله (ص) قال التيمم ضربتان الحديث. واخرج الحاكم عنه أيضا تيممنا مع رسول الله (ص) فضربنا ضربة بأيدينا على الصعيد ـ ثم ضربنا ضربة أخرى الحديث. واستفاض عن الأئمة (ع) ذكر الضرب على الأرض أو الوضع عليها في