وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٤٠) إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً
____________________________________
بالرغم عليه فقيرا. أفلا يشعرون بان ما في أيديهم هو رزق الله من خزائن رحمته التي لا تنقص فلما لا ينفقون كما أمرهم الله ويطلبون منه الثواب المضاعف والخلف (وَكانَ اللهُ) ولا يزال (بِهِمْ) في أمر ايمانهم وإنفاقهم ونياتهم وجميع شؤونهم (عَلِيماً) يجزيهم جزاءهم ٤٠ (إِنَّ اللهَ) الغني القدوس المتعال (لا يَظْلِمُ) الظلم معروف ويتعدى إلى مفعولين يقال ظلمه حقه وماله (مِثْقالَ) اي ثقل ووزن (ذَرَّةٍ) ذكروا أن الذرة هي أصغر النمل وفي مجمع البيان والكشاف وقيل هي جزء من اجزاء الهباء في الكوة من اثر الشمس. وهذا أقصى ما يعرفه بالحسّ نوع الناس من الصغر لضرب المثل (وَإِنْ تَكُ) اي تكن ويطرد في مثل هذا حذف النون (حَسَنَةً) بالنصب لأنها خبر. والحكم المذكور وفائدة الكلام إنما هي باعتبار الخبر وعنوانه فلذا اعتبر الاسم المقدر مؤنثا لأن الحكم إنما هو لما يتحد مع الخبر كما في قوله تعالى («فَإِنْ كُنَّ نِساءً). (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً). (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً). (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ») اي وإن تكن التي بمقدار الذرة حسنة. وفي مجمع البيان وان تك زنة الذرة حسنة. ويدفعه ان الزنة والمقدار ليس هي الحسنة بل هي المقدر وزنه بزنة الذرة. وكذا قول الكشاف وان يك مثقال ذرة حسنة وإنما انّث ضمير المثقال لأنه مضاف إلى مؤنث انتهى ويدفعه مضافا الى ما ذكرناه ان تأنيث المضاف باعتبار المضاف اليه شاذ لا يناسب كرامة القرآن على ان الاعتبار لا يساعد على تأثير المضاف اليه المحذوف هذا الأثر. وفي التبيان «وان تك فعلته حسنة» وهو جيد يرجع الى ما ذكرناه والعجب من مجمع البيان إذ لم يذكر هذا الوجه الوجيه مع انه لا يغادر شيئا من التبيان لا يذكره (يُضاعِفْها) بما يشاء من المضاعفة. والمضاعفة هي ان يزاد على الشيء مثله في المقدار او أمثاله. ومضاعفة الحسنة هي ان يعتبرها الله برحمته للواسعة في مقام الجزاء بمقدار ضعفها او أضعافها اي يضاعف جزاءها. وفي سورة البقرة ٢٤٤ أضعافا كثيرة (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ) من فضله العظيم ورحمته الواسعة على الحسنة بمقدار الذرة (أَجْراً عَظِيماً) بحسب ما يشاء من المضاعفة ويجعل الكل بعنوان الأجر تكريما للمطيع ، وإكمالا لابتهاجه. فويل للذين لم يعبدوا الله وأشركوا به. ولم يتبعوا سبيل الرشاد في امتثال أوامره ونواهيه بعد ما قامت عليهم الحجج في الدنيا وانقطعت المعاذير.