وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٥) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما
____________________________________
الدر المنثور ذكر عمن اخرج عن ابن عباس في معنى الهجران في المضاجع روايات متعددة متعارضة (وَاضْرِبُوهُنَ) في التبيان وأما الضرب فإنه غير مبرح بلا خلاف انتهى والمبرح هو ما يوجب المشقة والشدة والظاهر اتفاق المسلمين على هذا القيد وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص عن رسول الله (ص) في خطبته في حجة الوداع. وأخرجه ابن جرير عن حجاج عن رسول الله (ص). ورواه في الدر المنثور عما أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس أقول ويلزم ذلك ان لا يكون الضرب مدميا ولا كاسرا بل ولا في المواضع التي هي معرض للخطر وسوء الأثر. وفي التبيان قال ابو جعفر يعني الباقر (ع) بالسواك واخرج ابن جرير عن عطا عن ابن عباس بالسواك ونحوه ولعل المراد بعود مثل عود السواك. وكيف كان فلا تصلح الروايتان من حيث سندهما لتقييد الضرب في الآية نعم يكفي في تقييدها الإجماع على ان لا يكون مبرحا. والمعلوم من الآية كون الضرب للتوصل إلى إصلاح المرأة وانابتها إلى الطاعة فيلزم الاقتصار على اقل ما يرجى به حصول الغرض كما وكيفا ويتدرج فيه ما لم يحصل اليأس من تأثيره. وكذا الكلام بالنسبة إلى التدرج في الوعظ إلى الهجران إلى الضرب والجمع بين بعضها وبينها. والآية الكريمة زعيمة ببيان هذه التفاصيل ببيان ان ذلك لأجل التوصل إلى التأديب والاستصلاح والطاعة بقوله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) فيما تجب فيه طاعة الزوجات (فَلا تَبْغُوا) ولا تتطلبوا (عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) بتشبثات التهم وسوء الظن وتكليف القلوب فوق ما تقتضيه الأحوال فإنكم مأمورون بمعاشرتهن بالمعروف وبعض الظن اثم وامر القلوب بيد الله (إِنَّ اللهَ كانَ) ولا يزال (عَلِيًّا) في عدله واحكامه وحكمته (كَبِيراً) في جلاله لا يكلف فوق الطاقة ولا يهمل ارشاد عباده في نظام اجتماعهم وتعليمهم. وسيأتي إن شاء الله في أواخر السورة ما يعود إلى خوف المرأة من نشوز الزوج واعراضه وحكمة إصلاحه ٣٥ (وَإِنْ خِفْتُمْ) يا ايها الذين تعنيهم شؤون الزوجين بسبب الروابط والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس عند ظهور المنافرة بين الزوجين وخشيتهم من عاقبة ذلك (شِقاقَ بَيْنِهِما) باستمرار الخلاف بحيث ينشق ائتلافهما إلى شقين متباينين في