«ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاة كنزه إلا جيء يوم القيامة فيحمى ويكوى به جنبه وجبينه» (١).
وقال : «من له مال فأدى زكاته فقد سلم».
ولا خلاف في جواز دفن المال المزكى أو غير المزكى إذا أدى زكاته من موضع آخر.
وقد روي عن بعض السلف ، أن المراد بالآية العدول عن الإكثار وجمع المال ، وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :
«يجيء كنز أحدكم شجاع أقرع فإذا رأى صاحبه هرب منه فيطلبه فيقول : أنا كنزك» (٢).
وعلى الجملة ، المعقول من الآية تعليق الوعيد على من كنز ولم ينفق في سبيل الله ، ولم يتعرض للواجب وغيره ، غير أن صفة الكنز لا ينبغي أن تكون معتبرة ، فإن من لم يكنز ومنع الإنفاق في سبيل الله ، فلا بد أن يكون كذلك ، فلا أثر لصفة الكنز ، وليس في الآية بيان الواجب من غيره ، ولكن من المعقول أن صورة الكنز كما لا تعتبر ، فالامتناع من أداء ما ليس بواجب لا يعتبر أيضا ، وإذا لم يعتبر هذا ولا ذاك جملة ، فليس إلا أن المراد منع الواجب من الزكاة وغيره ، إلا أن الذي يخبأ تحت الأرض هو الذي يمنع إنفاقه في الواجبات عرفا ، فلذلك خص الوعيد به.
وإذا كان المقصود من ذكر الكنز أن صاحبه يمسكه ولا ينفق منه في سبيل الله تعالى ، فظن قوم أن من صاغ الدراهم حليا ولا يزكي منه فهو كانز.
__________________
(١) أخرجه الامام البخاري ومسلم وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الامام أبو جعفر بن جرير ، عن بشر عن يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه.