فيقال في إبطال ذلك : إن قتل الكافر مؤيس من التوبة ، وإذا ترك بشريطة الجزية فيلحقه من الذل ما يضجره ويحمله على الإسلام ، هذا مع نفع يعود إلى (١) المسلمين ، ومع مخالطة الكافر للمسلمين الداعية له إلى تدبر أدلة الإسلام ، وهذا المعنى لا فرق فيه بين طائفة وطائفة ، إلا أنه يمكن أن يقال :
إن قتل من لا كتاب له أقرب إلى تعظيم أمر الدين ، ولأن أهل الكتاب أقرب إلى تدبر معاني الكتاب لتقارب ما بين الأديان وتشاهدها على صدق نبينا صلّى الله عليه وسلم ، فيجوز أن يكون الأصحاب بالجزية أقرب إلى إيمان أهل الكتاب منه إلى غير أهل الكتاب.
وقوله تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) ، تعظيم فيما يتعلق بالآخرة ، ورجوع وبال كفره عليه في الميعاد ، ومع هذا فيمهل الشرع أسبابا هي داعية إلى صلاح حاله في ماله.
وليس لقائل أن يقول : وإذا كان ذلك كذلك ، فلم يرزقون ويحسن إليهم.
لأن نعمة الله تعالى لا تنافي استعظامه للكفر ، فكذلك إقرارهم على المقام في بلادنا بأخذ الجزية لا تنافي استعظام كفره.
وإذا تقرر ذلك أمكن أن يقال :
الجزية عقوبة ليحصل بها زجره عن كفره.
والعقوبة منقسمة إلى ما يكون زجرا لمصلحة المعاقب ، وإلى ما يكون جزاء.
فأما الجزاء فلم يشرع لمصلحة المعاقب ، فعلى هذا لا نقول : يجب على
__________________
(١) وردت ـ على ـ في احدى النسخ.