في موضع : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ، وقال في موضع آخر:
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ)(١).
على أن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مدخلا في تخلية سبيلهم ، كما أن للتوبة مدخلا في ذلك ، وبذلك احتج أبو بكر رضي الله عنه في أن التوبة لا تكفى في تخلية سبيلهم والكف عن قتلهم ، حتى ينضاف إليها فعل الصلاة وإيتاء الزكاة ، وقال إنه صلّى الله عليه وسلّم قال :
«فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (٢).
فلم تثبت العصمة بمجرد الإسلام ، وذكر أن الزكاة من حقها.
وتعلق علي بذلك في قتال الفئة الباغية ، وذهب إلى أن المشركين إذا أسلموا ، ولم يقيموا الصلاة ، ولم يؤتوا الزّكاة ، حل قتالهم وقتلهم.
وقال بعضهم : إنما أراد بذلك الاعتراف بالصلاة والزكاة لا فعلهما ، فمن جحد أحدهما فقتله مباح ، وهذا يستأصل وجه التخصيص.
فإن قيل : فإذا تاب قبل وقت الصلاة والزكاة فلا قتل عليه ، ولم يقم الصلاة ولا الزكاة جميعا.
الجواب : أن التوبة إن كفت على هذا الرأي ، فذكر الصلاة والزكاة لغو ، وهو بمثابة من يقول : فإن تابوا ودخلوا الدار ولبسوا الثوب.
__________________
(١) سورة التوبة آية ١١.
(٢) أخرج البخاري ومسلم وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال :.
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله ، وأني رسول الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله».