إما بتذكر ما عند الله تعالى من ثواب المجاهدين ، وتهوين أمر الدنيا في جنب ما عند الله تعالى.
والثاني : ذكر دلائله ونعمه وما يستحقه الله تعالى على عباده من بذل المهج في مرضاته ، وأنهم وإن بلغوا الغاية في طاعته ، فلا يبلغ كنه جلاله ، وكل ذلك مما يعين على الصبر والثبات ، ويستمد بها النصر من الله تعالى ، والجرأة على العدو والاستهانة بهم.
قوله تعالى : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا) ، الآية ٤٦ :
نهى عن الاختلاف المؤدي إلى الفشل وجرأة العدو.
وقوله تعالى : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ)(١).
أبان أن المقصود من التنكيل بالأسر ، زجر من سواهم ، ولأجله شرعت العقوبات ، ولأجله أمر الصديق بالتنكيل بأهل الردة ، وإحراق بعضهم بالنيران ، ورمي بعضهم من رؤوس الجبال ، وطرحهم في الآبار.
قوله تعالى : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) ، الآية ٥٨ :
أباح الله لرسوله إذا توقع من أعدائه غائلة من مكر ، أن ينبذ إليهم على سواء ، حتى لا يقول المبطل : إنك نقضت العهد بنصب الحرب ، ولم ينبذ إلى أهل مكة عهودهم ، بل غزاهم نبذا ، لأنهم كانوا نقضوا العهد ، لمعاونة هذيل على خزاعة حلفاء النبي ، ولذلك جاء أبو سفيان إلى المدينة يسأل تجديد العهد بينه وبين قريش ، فلم يجبه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ذلك ، فلأجل ذلك لم يحتج إلى النبذ إليهم ، إذ كانوا أظهروا نقض العهد بنصب الحرب لحلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام.
__________________
(١) سورة الأنفال آية ٥٧.