عنى بذلك هرجا يعم المصلح والمفسد.
قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الآية : ٣٩ ، معناه شرك.
وقيل حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ، ويدل على ذلك أن قتل الكفار لدفع الضرار لا جزاء على الكفر ، وقد شرحناه من قبل.
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) ، الآية : ٤١.
وقال في آية أخرى : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً)(١).
قال ابن عباس ومجاهد : إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام ، جعل ينفل ما أحرزوه بالقتال لمن شاء ، ولم يكن لأحد فيه حق ، إلا من جعله الرسول له ، وذلك كان في يوم بدر ، وقد روينا حديث سعد في قصة السيف الذي استوهبه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر وقال :
إنك سألتني هذا السيف ، وليس هو لي ولا لك ، ثم نزل : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، فدعاه فقال :
إنك سألتني هذا السيف ، وما كان لي ولا لك ، وإن الله تعالى جعله لي وجعلته لك(٢).
وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال :
لما كان يوم بدر ، تعجل ناس من المسلمين ، فأصابوا من الغنائم ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم :
لم تبح الغنائم لقوم سود الرؤوس من قبلكم ، كان النبي إذا غنم هو
__________________
(١) سورة الأنفال آية ٦٩
(٢) أنظر أسباب النزول للواحدي النيسابوري.