بقوله : (قُلْ هُوَ أَذىً) ، وذلك صفة لنفس الحيض لا للموضع الذي فيه.
ويحتمل أن يقال : قوله (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ، هو موضع الحيض ، لأن الاعتزال في المحيض لا يتحقق له معنى إذا أراد به نفس الدم.
وقد كان اليهود يتجنبون مؤاكلة النساء ومشاربتهن ومجالستهن في الحيض ، فنسخ الإسلام ذلك ، فسأل المسلمون عن الوطء ، وقالوا : ألا نطأهن يا رسول الله؟ يعني أنه إذا لم نجتنب سائر الأعضاء منهن ، فلا نجتنب موضع الحيض؟
فاستثنى الله تعالى موضع الحيض بقوله : (قُلْ هُوَ أَذىً)(١) ، أي موضع الأذى ، وإلا فنفس الدم مجتنب ولا يقرب ، وقد عرفوا نجاسته ، فإن النجاسة مجتنبة ، وذلك يقتضي كون التحريم مختصا بموضع الأذى ، وهو الصحيح من مذهب الشافعي.
وعبر عن الموضع بالأذى ، مع أن الأذى ليس عبارة عن نفس النجاسة ، بل هو كناية عن العيافة (٢) في حق متوخي النظافة.
وأبو حنيفة يحرم ما تحت الإزار ، ويحتج بأن قوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ، دال على حظر ما فوق الإزار وما تحته ، غير أنه قام الدليل فيما فوق الإزار في الإباحة ، وبقي ما دونه على حكم العموم.
__________________
(١) قال عطاء : «أذى : أي قذر ، والأذى في اللغة كل ما يكره من كل شيء» ، وقال في المصباح : «أذى الشيء : أذى من باب تعب بمعنى قذر».
ويقول الطبري : «وسمى الحيض أذى : لنتن ريحه وقذره ونجاسته» أه.
(٢) العيافة كالكتابة : الكراهة.