فأما قوله قبل الآية : (كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ / ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (١) يكون «أن يكون» نفيا.
وقيل : هى مصدرية ، على تقدير : تبرأنا إليك من عبادتهم إيانا ، فيكون الجار محذوفا. والأول الوجه.
ومن ذلك قوله : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) (٢). وقرأ : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ). فمن حذف الهاء كان «ما» نفيا ، ومن أثبت كانت موصولة محمولة على ما قبله ، أي : من ثمره ومن عمل أيديهم.
فأما قوله تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) (٣). فقيل : التقدير : كانوا يهجعون قليلا. و«ما» صلة زائدة. وقيل : بل هى مصدرية ، أي : كانوا قليلا يهجعونهم. وقيل : نفى. وقد تقدم ذلك.
وأما قوله : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) (٤). قرئ بالرفع والنصب.
فمن قرأها بالرفع كانت «ما» بمعنى «الذي». أي : إن الذين اتخذتموهم أوثانا من دون الله مودة بينكم.
ومن نصب كانت «ما» كافة ، ويكون «أوثانا» مفعولا أول ، ويكون «مودة بينكم» مفعولا ثانيا ، إن شئت ، وإن شئت كان مفعولا له.
__________________
(١) القصص : ٦٣.
(٢) يس : ٣٥.
(٣) الذاريات : ١٧.
(٤) العنكبوت : ٢٥.