لأنك قد استغنيت عن إظهاره ، فلما كان هذا كذلك أجرى مجرى الأجنبى واستؤنف على حياله ، حيث كان ضعيفا فيه. وقد يجوز أن تنصب. قال سوادة بن عدى :
لا أرى الموت يسبق الموت شىء |
|
نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (١) |
فأعاد الإظهار. وقال الجعدي :
إذا الوحش ضمّ الوحش فى ظللاتها |
|
سواقط من حرّ وقد كان أظهرا (٢) |
والرفع فيه الوجه.
قال أبو الحسن : النصب فى لغة أهل الحجاز لا يكون غيره فى قوله : ما زيد منطلقا زيد ، لأنك إن جعلت «زيدا» بمنزلة الأجنبى لم يكن كلاما ، فأنت إذا أعدت «زيدا» ، فكأنك قلت : ما زيد منطلقا هو ، ولا يكون على غير ذلك فى لغة أهل الحجاز ، وإنما رفعت : «ولا يسىء معن» على الابتداء ، وعلى لغة بنى تميم ؛ لأنك إذا قلت : ما معن بتارك حقه ، استغنى الكلام.
قلت : فالآية الأولى محمولة على إضمار «به» أي : ثم جاءكم به ، والآي الأخر محمولة على إضمار «منهم» ، أي : إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم ، وأجر المصلحين منهم ، وأجر المحسنين منهم.
فأما قوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) (٣) فليس على : «وهو الذي فى السماء هو» ، فوضع الظاهر موضع المضمر ، ولكن على حذف المبتدأ ، وهو الذي هو
__________________
(١) الكتاب (١ : ٣٠).
(٢) الكتاب (١ : ٣١).
(٣) الزخرف : ٨٤.