ومن ذلك ما جاء من قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) (١) إذا نصبت «كم» بفعل يفسره «أهلكناها». وقد قال سيبويه : أزيد أنت رجل تضربه ؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف. فإذا يجب حمل قوله «كم» على فعل يفسره «فجاءها بأسنا». وقد تقدمت هذه المسألة.
ومن ذلك قوله : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) (٢) إلى قوله ، (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ) (٣). أي : كتاب كريم بأن لا تعلوا علىّ. وقد قال سيبويه : إن الفصل بالوصف بالصلة والموصول لا يجوز ، فإذا وجهه أن يكون التقدير : هو أن لا تعلوا علىّ ، فتحمل «أن» على خبر ابتداء مضمر.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) (٤) فأوقع الجمع بعد «اثنتي عشرة» والذي فى «الكتاب» هو «أن» يفسّر هذا العدد بالمفرد ، كما جاء من نحو : (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) (٥) ، و (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) (٦). ووجه الآية أن «أسباطا» بدل من (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) وليس تمييز ، والمميز محذوف ، والتقدير : «اثنتي عشرة فرقة» ، ومن ذلك الكلام الطويل / فى الحذف من الصلة والصفة والخبر ، فحسن الحذف من الصلة ، نحو : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (٧) وأخواته ، وقبح الحذف من الخبر ، نحو قولهم: السّمن منوان بدرهم. وألحق الحذف من الصفة بالحذف من الخبر فاستثقله ، ولو لم يكثر عنده كثرة حذفه من الصلة ، فاسمع إن شئت ما جاء فى التنزيل من حذف ذلك فى الصفة.
__________________
(١) الأعراف : ٤.
(٢) النمل : ٢٩.
(٣) النمل : ٣١.
(٤) الأعراف : ١٦٠.
(٥) يوسف :
(٦) التوبة : ٣٦.
(٧) الفرقان : ٤١.