المتم الثمانين
باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء
وقد تقدّم بعض ذلك فى عرض كلامنا.
فمن ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) (١). يعنى ب «الذين» : الأصنام. والتقدير : إن الذين تدعونهم ، فحذف العائد.
وقال : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) (٢). يعنى : الأصنام. أي : لا تسبوا الذين تدعونهم ، أي : يدعوهم المشركون ، ف «الواو» ضمير المشركين ، فحذف العائد.
وقال : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) (٣). يعنى : الأصنام ، يدعونهم المشركون ، فلا يستجيبون للمشركين بشىء.
وهكذا : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) (٤) ، أي : الذين يدعوهم المشركون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، إلا أنهم هاهنا اختلطوا بالملائكة فغلّب جانبهم ، / وجرى الفعل فى هذه الأشياء صلة على غير من هو له ، ولم يبرز الضمير خلاف اسم الفاعل الجاري على غير من هو له حيث يجب إبراز الضمير ، فقد صح قوله : إن الفعل لمّا كان على صيغ مختلفة ، وله علامات لم يحتج إلى إبراز الضمير ، بخلاف الفاعل ، ولمّا عدّوهم
__________________
(١) الأعراف : ١٩٤.
(٢) الأنعام : ١٠٨.
(٣) الرعد : ١٤.
(٤) الإسراء : ٥٧.