قال : وفى التنزيل : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) (١). أي : متى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وهذا يقوّى قول أبى زيد (٢) ومحمد (٣) : إن الرجل إذا قال: إذا لم أطلقك فأنت طالق ، ثم سكت ، طلّقت فى الحال ؛ لأن «إذا» هاهنا ك «متى» ، كأنه قال : متى لم أطلقك فأنت طالق ، وفى «متى» إذا سكت طلقت. ووجدنا لهذا القول حجة فى «الكتاب» ، وهو غيلان بن حريث :
إذا رأتنى سقطت أبصارها |
|
دأب بكار شايحت بكارها (٤) |
ألا ترى أنه لا يريد أن هذا يقع منها مرة واحدة فى وقت مخصوص ، لأن ذلك ينتقض حال المدح ، وإنما يقول : كلما رأتنى سقطت أبصارها ، ألا تراه يقول بعده :
دأب بكار شايحت بكارها
و«الدأب» لا يستعمل إلّا فى التكرير دون الإفراد ، قال :
كأنّ لها برحل القوم دوّا |
|
وما إن طبّها إلّا الدّؤوب |
وقال :
دأبت إلى أن ينبت الظلّ بعد ما |
|
تقاصر حتى كاد فى الآل يمصح (٥) |
وأما قول الهذلي (٦) :
هزبر عراض السّاعدين إذا رمى |
|
بقرحته صدر الكمىّ المسربل |
متى ما يضعك الليث تحت لبانه |
|
تكن ثعلبا أو ينب عنك فتدخل (٧) |
__________________
(١) التوبة : ١١٨.
(٢) أبو زيد : سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري ، توفى في سنة خمس عشر ومائتين. على خلاف في ذلك (البغية).
(٣) هو : محمد بن يزيد المبرد.
(٤) شايحت : جدت. وقيل : حاذرت (الكتاب لسيبويه ١ : ١٧٩).
(٥) البيت للراعي. ويمصح : يذهب (الكتاب ١ : ١٩١).
(٦) هو : إياس بن سهم بن أسامة.
(٧) شرح أشعار الهذليين (٢ : ٥٢٩) : «تدحل» بالحاء المهملة ولا يتجه بها الشرح بعد.