وأما قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (١) الضمير الذي بعد الضمير المرفوع فى «كالوا» منصوب ، وليس بمرفوع على أن يكون وصفا للمضمر ، لأن المعنى ليس عليه.
وذلك أن المراد : أنهم إذا قبضوا من الناس استوفوا منهم المكيال ، وإذا دفعوا إليهم بخسوهم ، فمن هنا استحقوا الوعيد في التّطفيف ، وإنما هو على : «كلتك» و «وزنتك».
فالمعنى : إذا قبضوا من الناس استوفوا ، وإذا أقبضوا الناس لم يوفوهم ، فهذا موضع ذمهم ، والمكان الذي استحقوا منه الوعيد. والتقدير : وإذا كالوا الناس أو وزنوهم ، أخسروهم مكيلهم وموزونهم فيخسرون ، يراد تعديته إلى مفعولين / ، وحذف المفعولين ، يدلك على ذلك ، أن «خسر» يتعدى إلى مفعول ، بدلالة قوله تعالى : (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) (٢) فإذا نقلته بالهمزة تعدّى إلى مفعولين ، تقول : أخسرت زيدا ماله ، فتعديه إلى مفعولين ، وهو من باب «أعطيت» ، فكذلك أريد المفعولان في قوله : (يُخْسِرُونَ) ، فحذف المفعولان ، كما حذف فيما يتعدى إلى مفعولين ، الثاني منه هو الأول في المعنى ، كقوله : (كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٣) وقوله : (فَهُوَ يَرى) (٤).
__________________
(١) المطففين : ٣.
(٢) الحج : ١١.
(٣) القصص : ٦٢.
(٤) النجم : ٣٥.